facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ظاهرة المؤثرين وتأثيرهم على الشباب


د. الاء طارق الضمرات
10-11-2024 08:57 PM

أصبح المؤثرون في عالمنا الرقمي ، وفي ظل انتشارهم على وسائل التواصل الاجتماعي جزءً أساسيًا من حياة الشباب، وهؤلاء الأشخاص، الذين يملكون ملايين المتابعين على منصات مثل إنستغرام ويوتيوب وتيك توك، يؤثرون بشكل كبير على قرارات الشباب، سواء فيما يتعلق بشراء المنتجات أو تبني أسلوب حياة معين.

ويُعد هذا التأثير ظاهرة مثيرة تستحق الدراسة، حيث تترتب عليه نتائج اجتماعية ونفسية واقتصادية تتفاوت بين الإيجابي والسلبي، وتعود جاذبية المؤثرين على الشباب إلى عوامل عدة تتعلق بقدرتهم على إبراز جوانب حياة مثيرة وجذابة تشد انتباه الشباب وتلهمهم.

فالمؤثرون يعرضون أسلوب حياة يبدو مثاليًا، مما يشجع الشباب على متابعة هذه الرحلة المليئة بالنجاحات واللحظات المميزة، سواء في مجال الموضة أو السفر أو التكنولوجيا أو غيرها، وإن بساطة تواصلهم، ووجودهم المستمر على المنصات الاجتماعية، يمنحانهم شعورًا بالقرب من المتابعين، كأنهم أصدقاء أو قدوة.

وغالبًا ما يميل الشباب إلى التماهي مع هذه الصور التي تعكس ما يرغبون في تحقيقه أو تمثله من طموحاتهم وأحلامهم. إضافةً إلى ذلك، يتمتع المؤثرون بقدرة كبيرة على استيعاب الاتجاهات والموجات الشبابية الحديثة، مما يجعلهم مواكبين لآخر الصيحات التي يهتم بها الشباب.

كما أن قدرة المؤثرين على تقديم محتوى متنوع ومبتكر، سواء في شكل نصائح أو تجارب يومية، يجعلهم مصدر إلهام وأفكار جديدة للشباب، ويحفز لديهم شعورًا بالتواصل الاجتماعي والانتماء لمجتمع واسع من المتابعين الذين يشاركونهم نفس الاهتمامات.

وتُعتبر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم وسيلة تسويقية قوية، حيث يتمكن المؤثرون من توجيه متابعيهم نحو شراء منتجات وخدمات معينة. وبالنسبة للشباب، فإن مشاهدة المؤثرين وهم يستخدمون منتجًا معينًا قد يُعتبر "تأكيدًا" على جودته وأهميته، ولكن هذا الأمر يحمل وجهين؛ فمن جهة، يمكن أن يساعد الشباب في اكتشاف منتجات تناسب احتياجاتهم وتلهمهم لخوض تجارب جديدة، إلا أن الإفراط في متابعة توصيات المؤثرين قد يؤدي إلى عادات استهلاكية غير واعية، وقد ينتهي الأمر بالشباب إلى شراء ما لا يحتاجونه فقط لمواكبة الصورة المثالية التي يعرضها المؤثرون، مما يزيد من التحديات المالية ويخلق ضغطًا للتماشي مع نمط الحياة المعروض.

وإحدى أهم النتائج النفسية لمتابعة المؤثرين هي الميل إلى المقارنة الاجتماعية، فالشباب في سعيهم لتحقيق "الحياة المثالية" التي يظهرها المؤثرون، قد يشعرون بتدني الثقة بالنفس وتقدير الذات، ويعود ذلك إلى أن المؤثرين غالبًا ما يعرضون جوانب محددة فقط من حياتهم، في حين يتغاضون عن التحديات أو الصعوبات، وهذا التأطير المختار للحياة يُنتج صورة غير واقعية، تجعل الشباب يقارنون أنفسهم بحياة ليست حقيقية بالكامل، مما يرفع من مستويات القلق والاكتئاب لديهم. من جهة أخرى، يرى بعض الباحثين أن متابعة المؤثرين يمكن أن تُحفّز الشباب نحو تحسين الذات وتطوير مهارات جديدة، خصوصًا إذا كان المؤثر يقدم محتوى تعليمي أو تحفيزي.

ويُعد المؤثرون، بما يعرضونه من أساليب حياة وعادات، جزءً من التغيير الثقافي الذي يشهده المجتمع، ففي بعض الحالات، يمكن أن يعزز المؤثرون الوعي الاجتماعي ويدعون إلى تبني ممارسات صحية وقيم إيجابية، مثل أهمية ممارسة الرياضة أو تبني أسلوب حياة صحي، إلا أن هناك من يرى أن بعض المؤثرين يسهمون في إضعاف الهوية الثقافية من خلال عرض تقاليد وثقافات مختلفة قد لا تتناسب بالضرورة مع المجتمع الذي ينتمي إليه الشباب.

ويمكن أن تؤدي عملية نقل هذه الثقافات إلى فئة الشباب إلى تبني قيم وأفكار لا تتماشى مع ثقافتهم، مما يؤثر على هويتهم الشخصية والاجتماعية، والوجه الآخر لظاهرة المؤثرين هو مدى التزامهم بالمسؤولية الأخلاقية تجاه متابعيهم، وهناك جدل حول شفافية المؤثرين، حيث أن بعضهم يتجنب الإفصاح عن الدعاية المدفوعة، مما يُخفي الدوافع التجارية خلف توصياتهم، ومن المهم أن يتمتع الشباب بوعي نقدي تجاه المحتوى الذي يشاهدونه وأن يكونوا قادرين على تمييز الترويج من التوصية الصادقة.

ومن الناحية القانونية، بدأت بعض الدول بفرض قوانين تلزم المؤثرين بالإعلان عن المحتوى المدفوع بوضوح، وهذا يسهم في حماية المستهلك وتجنب التضليل، وبالنهاية لا بد من الاعتراف بأن تأثير المؤثرين على الشباب هو أمر معقد وله جوانب متعددة، وهم قادرون على التأثير في مجالات عديدة، منها العادات الاستهلاكية، تقدير الذات، والهوية الثقافية، ومن المهم على الشباب أن يمتلكوا القدرة على تحليل هذا التأثير وتطوير وعي نقدي تجاه المحتوى الذي يتعرضون له، ويمكن للوعي بهذا التأثير أن يحوّل هذه الظاهرة إلى فرصة للنمو والتعلم، بدلاً من أن تكون مصدرًا للضغط والتشتت.

إذ يمكن توجيه المؤثرين إلى أن يكونوا قوة إيجابية مؤثرة في حياة الشباب من خلال تحفيزهم، وإعدادهم بطريقة تساعدهم على استغلال شهرتهم لتقديم محتوى ذو قيمة، وتحفيزهم على تطوير أنفسهم ومهاراتهم من خلال نشر الرسائل الإيجابية، والدعوة لتبني عادات صحية ونمط حياة متوازن، إذ يستطيع المؤثرون تشجيع الشباب على تحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية، وعندما يركز المؤثرون على نشر المعرفة، وتقديم محتوى تعليمي أو ملهم، مثل التحفيز على التعلم المستمر أو اكتساب مهارات جديدة، فإنهم يساهمون في تمكين الشباب وتوجيههم نحو مسارات تطوير ذاتي وإيجابي، كما أن المؤثرين الذين يشاركون تجاربهم الشخصية بصدق وشفافية، سواءً في النجاح أو التحديات، يمنحون الشباب رؤية واقعية للتعامل مع الحياة، ويشجعونهم على مواجهة الصعوبات وتحقيق طموحاتهم بعزيمة وإصرار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :