"روسكي مير" شعلة الروسية في العالم
د.حسام العتوم
10-11-2024 03:52 PM
تشرفت وزوجتي الدكتورة تتيانا جلوشينكو أستاذة اللغة الروسية في الجامعة الأردنية بتاريخ 3 / نوفمبر / 2024 بتمثيل الأردن وصندوق – مؤسسة "روسكي مير" في مؤتمره السادس عشر في موسكو وعلى متن طائرة الملكية الأردنية التي عادت للتو بقوة ملاحظة، وبالقهوة السادة والهيل، والحطة والعقال لركاب الدرجة الأولى وبمضيفات أردنيات نشميات بالزي الشعبي، وخدمة متميزة أيضا لدرجة البزنس. والدكتورة جلوشينكو تمثل أعمال الصندوق في عمان، ووقف وراء تأسيسه في موسكو عام 2008 رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، وأشرف على مسار تطويره البروفيسور لودميلا فيربيتسكايا رحمها الله، والبروفيسور النائب والسياسي فيجيسلاف نيكانوف، ورفعا معا شعار "العالم سيتحدث بالروسية". و"الصندوق المؤسسة" معني بنشر اللغة الروسية في العالم التي يتحدث فيها الان أكثر من 300 مليون انسان، وتعتبر واحدة من أهم لغات العالم الممثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهي لغة السلام والتنمية الشاملة، والرافضة للحروب والأزمات، وللحرب الباردة وسباق التسلح. وتقود الى جانب روسيا – بوتين توجه تعددية الأقطاب، ويناهضان معا سيطرة أحادية القطب على أركان العالم.
و"روسكي مير" سبقت "البريكس" في التأسيس بين عامي 2008 و2010 نهضت لغويا وثقافيا وعلى مستوى الحوار والاستقطاب الدولي، وفي مجال مواجهة الفوبيا الروسية في العالم، في وقت تواصل "البريكس +" أعمالها اقتصاديا لتضم شرق وجنوب العالم وبقوة اقتصادية حجمها 30% من الناتج الاقتصادي العالمي بمستوى 29 تريليون دولار. وتم مؤخرا هذا العام 2024 نقل أعمال صندوق ومؤسسة "روسكي مير الى وزارة الخارجية الروسية برئاسة سيرجي لافروف الشخصية الدبلوماسية العريقة والقديرة والمشهورة عالميا. ومقارنة بالعام 2023 ازدادت رقعة المشاركين من مختلف دول العالم في المؤتمر من 77 بلدا و مندوبا الى 80 بلدا ، و روسيا الناهضة رغم التحديات الاقتصادية و السياسية و العسكرية الجسام ، الا أنها تحلق في فضاء المنافسة النظيفة ، وتثبت جدارة غير مسبوقة ، و تدحض رسائل الغرب الهادفة لعزلها عن العالم حسدا و بسبب قوتها العسكرية ومنها غير التقليدية النووية الثقيلة رقم 1 ، و لامتلاكها مصادرا طبيعية غنية تفوق ما يملكه العالم مجتمعا على مستوى الطاقة المتجددة و احتياط الغاز الطبيعي و الفحم و النفط و استخدام الطاقة .
سيرجي لافروف افتتح مشهد المؤتمرالسادس عشر بكلمة جامعة هادفة و مؤثرة حملت شرف رعاية الخارجية الروسية لمؤسسة " روسكي مير " على أبواب عيد الوحدة الشعبية ، و التذكير بالذكرى 225 لميلاد مؤسس اللغة الروسية سيرجي بوشكين ،و بأهمية اللغة الروسية عالمية الأنتشار ، وحول ما يتعلق بالحرب الأوكرانية تحدث لافروف عن اضاعة نظام " كييف " لفرص السلام عام 2014 و المحافظة على اقليم القرم ضمن السيادة الأوكرانية بواسطة تنفيذ انقلاب غير شرعي ، و عام 2015 بعد بعثرة أوراق اتفاقية " مينسك " التي كان بإمكانها ضمانة " الدونباس " في اطار السيادة الأوكرانية ، و عام 2022 عبر اضاعة وقت مفاوضات تركيا ، و تناسي بأن نابليون هزم ، و هتلر هزم ، و الحرب الحالية الأوكرانية سيكون لها نفس المصير ، و لن تتمكن " كييف " و لا الغرب هزيمة روسيا في ميدان الحرب كما يخططون . و مشروع تدمير اللغة الروسية في أوكرانيا و الحضور الديني كذلك مخالف لقانون الأمم المتحدة في مادته رقم 1 . و لقد حظي حضور لافروف بتصفيق ممثلي 80 دولة نظرا لسمعته الدولية عالية الشأن .
وفي كلمتي في المؤتمر التي مثلت بلدي المملكة الأردنية الهاشمية ، أظهرت فيها حرص جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله على اقامة علاقة للأردن مع روسيا الاتحادية الصديقة و مع دول العالم المماثلة ، و بالمناخ الديمقراطي الأردني الذي يسمح بالكتابة في الشأن السياسي الروسي و الدولي رغم العلاقة الوطيدة للأردن بأمريكا و الغرب ،و انتشار الدعاية الأمريكية وسط العرب .و تطرقت لنجاح عمل مؤسسة " روسكي مير " في الأردن التي تمثلها الدكتورة تتيانا جلوشينكو التي تحدثت بدورها هناك في موسكو مطالبة بإسناد صفوف اللغة الروسية في الجامعة الأردنية – أم الجامعات الأردنية ، و السفارة الروسية بعمان ، و المركز الثقافي الروسي ، و نادي السيدات الروسيات ، نادي " ابن سينا " لخريجي روسيا و الأتحاد السوفيتي السابق ، و جمعية الصداقة الروسية . و تحدثت عن جهدي في تأليف كتب أربعة لغاية الأن في الشأن الروسي و الدولي : ( روسيا المعاصرة و العرب 2016 ، و الرهاب الروسي غير المبرر 2020 ، و الحرب الروسية – الأوكرانية / العملية الروسية الخاصة التحريرية الدفاعية 2022 ، و إشراقة عالم متعدد الأقطاب 2024 ) . و الجدير ذكره هنا هو بأن كامل أبو جابر وزير الخارجية الأسبق رحمه الله ، و دولة طاهر المصري ، و دولة أحمد عبيدات ، و سفير روسيا الأتحادية بعمان غليب ديسياتنيكوف اشتركوا بكتابة تقدمة كتبي ، و لهم هنا جزيل الشكر و العرفان .
وفي كلمتي تحدثت أيضا عن أهمية جهدي الإعلامي و السياسي في توضيح صورة روسيا الحقيقية الأكثر تمسكا بالقانون الدولي ، و بقدرتي على مواجهة موجات الفوبيا الروسية في منطقتنا العربية على مستوى المقالات المتخصصة و النادرة ، و على مستوى الكتب المتتابعة المؤثرة وسط الرأي العام العربي و العالمي ، و على الغرب . وكيف تشكل اللغة الروسية بالنسبة لي ككاتب أردني و عربي مصدرا هاما و أساسيا في الوصول الى العديد من الحقائق التاريخية و المعاصرة ذات العلاقة بمجريات كبريات الأحداث و الحروب في أوكرانيا ، و في غزة ، و في لبنان ،و اليمن ، و العراق ، و ليبيا .و بأنني أعتمد مباشرة على خطابات الرئيس بوتين ووزير خارجيته لافروف ، و على كتب بريماكوف و دوغين .
لقد أصبحت مؤسسة " روسكي مير " قوية تحلق في فضاء اللغة الروسية وسط العالم ، و تنشر ثقافة المحبة و التعاون ، و الأستماع للرأي و الرأي الأخر ، و تبحث عن التطور المستمر .و تستقبل المؤسسة المشاركين في مؤتمراتها بكرم كبير و حسن استقبال و توديع و رعاية ، و مؤتمر عام 2024 جاء متميزا عما سبقه من مؤتمرات ، وانعقد في زمن استمرار الحرب الأوكرانية / العملية التحريرية ، و حرب غزة ولبنان .و يفتح المؤتمر الطريق أمام مؤتمر قادم عام 2025 تحت عنوان العيد الثمانين للنصر على الفاشية ، و هي المناسبة التي يحتفي بها الروس ، و احتفى بها السوفييت منذ عام 1945 ، والتي تمكنت من اعطاء معاني كبيرة في عمق التاريخ المعاصر ، و لا زالت تعطي معاني جديدية في مواجهة مؤامرات الغرب الأمريكي مجتمعا . و المعروف بأن روسيا وحتى الأتحاد السوفيتي يتمسكان بإستراتيجية عدم الأعتداء على أي من دول العالم ، ومعاهدة دفاع مشتركة لروسيا مع كوريا الشمالية الان ، لكن الدولة المعتدية تخسر الحرب أكيد ، ومثلي هنا اعتداء اليابان على الأتحاد السوفيتي عام 1945 و خسران جزر الكوريل الأربعة ( كوناشير ، ايتوروب ، هامبوماي ، شيكوتان ) ، ووقوف اليابان الى جانب الولايات المتحدة الأمريكية في حربها غير المباشرة من وسط الخندق الأوكراني الغربي ( كييف ) ضد روسيا دونما أحقية قانونية و تاريخية بوجود اتفاقية انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 المطالبة بالحياد ،و مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 المنادية بالدفاع عن السيادة حالة حصول اعتداء خارجي مثل الأوكراني ( كييف ) وعبر التيار( البنديري ) المتطرف على روسيا مثلا ، و اعتداء جورجيا على شمال أبخازيا و خسرانها الحرب عام 2008 ، و اعتداء " كييف " على المكون الروسي و الأوكراني عام 2014 و حتى الأن و خسران القرم و الدونباس و أبعد ، و انفصال أقاليم الشرق و الجنوب الأوكراني ( القرم ، و الدونباس – لوغانسك و دونيتسك و زاباروجا و خيرسون ) بواسطة صناديق الأقتراع و انضمامها طوعا لروسيا جارة التاريخ .وحتى في الأستراتيجية النووية الروسية الجديدة لعام 2024 ، فإن روسيا لن تبادر في أية حرب ، لكنها تعتبر أي تزويد و اسناد عسكري من قبل دولة نووية لدولة غير نووية مثل أوكرانيا ضد العمق الروسي سواء كان تقليديا مكثفا أو نوويا ، بأنه حرب مباشرة نووية مع روسيا ستصده فورا و بقوة كبيرة.