كل مقام فان وكل من عليها زال ولكل مقام مقال وليتعظ اصحاب المراتب والشأن وليكتب كل واحد مقالته التي تحفظ مقامه وستقرأ غدا بين الناس وتستذكرها ذاكرة الايام وهكذا عجلة المراتب تدور فلا رتب تدوم ولا مراتب باقية فكله مختوم بالزوال ومحكوم بحسن الاعمال ٠

هذا الكرسي الذي تتكئ على اريكته اليوم ويحفك الخدم والحشم ويطوف من حولك الغلمان وبايديهم اطباق من الحلوى واكواب من العصير والشاي دوار وسترحل عنه اجلا او عاجلا ولا محالة فهم السابقون وانتم اللاحقون وستصبح امجادك ذكرى لاحفادك تسردها كلما وجدت صغيرا منهم لديه وقت للهو معك وسماع الحكايات وكانك تروي له قصة الشاطر حسن او بطولات عنترة وليس ببعيد ان تذرف عينيك دمعا وانت ترفع بيديك الى وجنتيك لتلقي على نفسك السلام وانت تستذكر التحيات والتبجيلات والتقبيلات ٠

تلك الايام دول بين الناس وغدا ستعود وحدك مع نفسك وستقف على طابور المخبز لتتناول ربطة الخبز بيدك لا من يد سائقك الذي تسوق اليك طويلا وقد كنت سيدا بين الناس وستمر بعض من الايام والسنين القليلة وتصبح يدك ترتجف ان تمسك هاتفك للاتصال باحدهم وقد كنت بالامس سيدا عليهم واليوم هم سادة وتخشى ان احدا لايجيب او لايستجيب ٠

كأس المراتب سيفرغ يوما وسيقول هنيئا وكفاك فهناك من ينتظر ليطفىء ظمأه وتلك المراتب دولا بين الناس، فاترك اثرا جميلا وذكرا طيبا وعامل الناس بالمعروف وكن عونا لهم لا علة عليهم فغدا ستعود بلا خدم ولا حشم ولا رتب ولا مراتب وستحاسبك عدالة المجتمع وذو القربى والصديق وابن مراق الطريق ان مر عليك بلا تقدير واحترام وسيسألك ابن القرية و وعابر السبيل ان كان قد دخل عليك ذليلا بلا حول ولا قوة او دليل ٠

تلك المناصب دول بين الناس فكل المراتب فانية وكل من عليها راحل وما المناصب والمراتب والمنافع الا متاع الغرور ، ولن يبقى الا عملك الصالح واثرك الطيب وذكرك الجميل بين الناس فعاملهم بالحسنى واعمل لخاتمك فانت راحل عنها لا محالة وقد تندم وحينها لا ينفع الندم..