وزارة الثقافة .. واقع وطموح
أكرم الزعبي
09-11-2024 01:28 PM
القريبون والمطّلعون على المشهد الثقافي الأردني يعون تمامًا أنّ ما سيؤول إليه الحال الثقافي في الأردن في المستقبل القريب سيكون كارثيًا إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فما تزال الثقافة في أدنى سلّم أولويات الحكومات المتعاقبة، على الرغم من أنّنا لا نستطيع الحديث عن أية برامج تحديث دون وضع التنمية البشرية على رأس أولويات التحديث.
ما تزال ميزانية وزارة الثقافة الأردنية هي الأقل بين الوزارات، فلماذا لا يتم دعمها ببضعة ملايين أخرى لفتح آفاق جديدة تساهم في رفع سوية الثقافة الأردنية، ووضعها في قمة الثقافة العربية خاصةً أنّ الطريق متاحة في ظل الظروف الحالية.
وما تزال برامج الوزارة تراوح مكانها منذ سنواتٍ طويلة، دون ابتكار أي برامج جديدة، أو تشبيكٍ مع الوزارات المعنية بالشأن الثقافي والتربوي والشبابي، وهذا لا يقلّل من شأن بعض البرامج الريادية في الوزارة مثل مكتبة الأسرة ومجلة أفكار وصوت الجيل ووسام، ونشر الكتب ودعم النشر، وغيرها من البرامج، لكن حتى هذه البرامج، تحتاج في كل فترة إلى مراجعة وتحديث وتطوير، وهذا يحتاج إلى دعمٍ مالي إضافي لا يتوافر لدى الوزارة.
الكادر البشري في الوزارة يحتاج أيضًا إلى تطوير وتأهيل – خاصةً بعد تقاعد عدد كبير من موظفي الوزارة من المبدعين الأردنيين - للخروج في صيغة التعامل مع المثقفين والمبدعين من حالة الجمود الوظيفي إلى حالة المرونة، إذ يفترض بموظف الوزارة الإلمام الواسع بشريحة المبدعين الأردنيين، والتعامل معهم على أنّهم جزء من الثروة الوطنية، وإشعارهم بأنّ الوزارة بيتهم والحضن الذي يقدّم لهم الدعم المادي والمعنوي، لا أن يتم التعامل مع المبدع على أنّه مراجع عادي يراجع في وزارة عادية، وعليه المرور بالإجراءات الروتينية الطويلة المملة.
ما الذي يمنع من رفد الوزارة ببعض الكتّاب والمبدعين الأردنيين عن طريق الانتداب من الوزارات الأخرى، أو من خلال التعاقد المباشر مع البعض منهم ممن يمتلكون الخبرة الإدارية، والقدرة على التواصل البشري، وما الذي يمنع من تخصيص قاعة للمبدعين الأردنيين في الوزارة وتخصيص ثلاثة أو أربعة موظفين يقومون بالإجراءات الروتينية نيابة عنهم !!
تحتاج وزارة الثقافة أيضًا إلى إجراء مراجعة شاملة للمنتديات والملتقيات الثقافية التي اكتظّت بها سجلات الوزارة، والتي تجاوز عددها السبعمائة منتدى وملتقى يستنزف الكثير منها موارد الوزارة دون تقديم منتجٍ فاعلٍ ومؤثر في الثقافة الأردنية، ودون أن تخرج هذه المنتديات من العباءة الكلاسيكية المتمثلة بندوات وأمسيات مكرورة الجمهور والمضامين، إذ ينبغي على هذه المنتديات الوصول إلى الناس في قراهم وبواديهم ومخيماتهم ومدارسهم وجامعاتهم، وتقديم وجبات ثقافية حقيقية ترفع من المنسوب الثقافي والحضاري وتساهم بشكل جاد في التنمية البشرية.
ندرك أنّه على عاتق وزير الثقافة معالي مصطفى الرواشدة حملٌ ثقيل، وندرك تمامًا أنّ الوزارة تسعى إلى التطوير والتحديث رغم كل المعيقات، ونقف معها ونساندها في كثيرٍ مما تقوم به، وندعمها ونقف إلى جانبها لتصل إلى الهدف المنشود من وجودها، ونأمل من رئيس الحكومة الجديد دولة د. جعفر حسّان الالتفات إلى وزارة الثقافة وإلى الشأن الثقافي، وهو الذي أثبت لغاية اللحظة أنّه رئيس مختلف.
* رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق