صمود الأردن في مواجهة الإرهاب
د. أشرف الراعي
09-11-2024 09:48 AM
في سجل عمّان، حُفرت ذكرى أليمة هي تفجيرات الأربعاء الأسود، حينما ضرب الإرهاب قلب العاصمة، مستهدفًا الأبرياء في فنادقها في 9/11 من العام 2005، لتكون تلك الليلة محطة فارقة في تاريخ الأردن، فقد كانت محاولة من قِبَل المتطرفين لزعزعة استقرار الأردن، لكنهم لم يدركوا أنهم أيقظوا في شعبه إصرارا لا ينكسر ووحدة لا تضعف.
لم تكن تلك اللحظة الوحيدة التي واجه فيها الأردنيون أهوال الإرهاب؛ بل كانت بداية مسيرة طويلة من الصمود والتضحية، حيث قدم الأردن نخبة من خيرة أبنائه في مواجهة العنف والتطرف، منهم الشهيد معاذ الكساسبة، الطيار الشجاع الذي واجه أسر تنظيم “داعش” الإرهابي بكل ثبات، ودفع حياته ثمناً لموقفه البطولي في الدفاع عن وطنه وأمته، كما كانت حادثة استشهاده علامة فارقة في تاريخ مقاومة الإرهاب، حيث وحّدت الأردنيين وعززت من تصميمهم على محاربة هذه الآفة بكل الوسائل الممكنة.
كما نتذكر الشهيد راشد الزيود، الذي قضى أثناء مواجهة شرسة مع الجماعات الإرهابية، مؤدياً واجبه في حماية الوطن؛ فقد كان استشهاده مثالا آخر على تضحيات الأردنيين في سبيل الحفاظ على أمان بلادهم… هؤلاء الأبطال، مع غيرهم من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم، جسّدوا أسمى معاني الوفاء للوطن، وتركوا إرثا من الفخر والشرف لكل مواطن أردني.
هذه التضحيات تؤكد أن الشعب الأردني ليس بمفرده في هذه المعركة؛ بل يقف إلى جانبه رجال ونساء مستعدون لبذل الغالي والنفيس من أجل الدفاع عنه؛ فالأردن الذي اعتاد استقبال ضيوفه من مختلف أنحاء العالم، والمشهود له بقيم التسامح والكرم، يرفض بكل عزم أن يخضع للترهيب أو أن يسمح لأعدائه بتشويه هويته السلمية.
الأربعاء الأسود وكل لحظة ألم وشجاعة عاشها الأردنيون كانت درساً في التضامن والقوة، فتلاحم الشعب والقيادة الأردنية في وجه الإرهاب جعل من الأردن نموذجا للصمود، فالإرهاب ليس مجرد عدو خارجي، بل هو تحدٍ لقيم السلام والأمان التي نشأ عليها الأردنيون، وجعلوا منها جزءا لا يتجزأ من هويتهم الوطنية.
إن إحياء ذكرى تلك الليالي العصيبة ليس فقط لتكريم الشهداء، بل لتجديد العهد بأن هذا الوطن، بتلاحم شعبه وقيادته، سيظل قلعة صامدة في وجه أي محاولة تهدد أمنه واستقراره، وسيبقى الأردن بفضل تضحية أبنائه منارة مضيئة للتسامح والسلام، وعبرة لكل من يظن أن الإرهاب قد يستطيع كسر إرادته.
حمى الله الأردن وأدام عليه الأمن والأمان، وبارك في أبنائه الأوفياء الذين بذلوا أرواحهم ليظل الأردن قويا وجنّبه شرور الإرهاب وجعل من تضحيات أبنائه شعلة تضيء درب المستقبل.