"جوردان" وابناء المحافظات المهمشين
زينة المعاني
09-11-2024 09:46 AM
أنا من عمان الغربية، ودرست في مدرسة خاصة ولم يؤهلني معدلي للدراسة لولا ان والدتي أدخلتني جامعة اليرموك على نظام الموازي، أتحدث بلهجة مختلطة، وهذا كله يشير إلى أنني قد أكون ممن يحسبون من "جوردان" مجازاً، ولست من أبناء المحافظات والمهمشين في بلدنا، وهذا بحد ذاته سبب في أن يكون كلامي بمنتهى الموضوعية عن مظلومية أبناء المحافظات، وأشير هنا إلى الشاب عاصم المعايطة الذي طرح مظلوميته عبر فيديو على صفحته.
من متابعتي لصفحة عاصم، وجدت شاباً كركياً يتحدث باللهجة المحلية دون تكلف، مبدع في مجالات إعلامية عدة، ويضيف على الإعلام معرفة عميقة بعلم النفس والسلوك بشهادة بكالوريوس في علم النفس وماجيستير في الإعلام. الأمر ليس أكاديمياً فقط، فهو من القلة التي تمتلك إبداعاً وابتكاراً وثقة محببة على الشاشة وأنا شخصياً أستلطف المحتوى الذي يقدمه. تقدم لوظيفة إعلامية في مدينته الكرك حيث يقطن وكان الشاغر في قناة محلية ولم يتم استدعاؤه حتى لامتحان وفاز بالوظيفة أحدهم! وهو يقول بحرقة : ياخي حقي أمتحن عالأقل!
لكن موضوعي ليس عاصم، عاصم هنا يمثل كل أبناء المحافظات الذين أفنى أهلهم عمرهم في الجيش مثلاً برواتب محدودة، ودفعوا الضرائب والرسوم والمخالفات والفواتير، حتى يتمكن غيرهم من الدراسة في الخارج وفي جامعات مثل "هارفرد" وشلتها، واكتسبوا من خلال غربتهم المدفوعة خبرات عملية لأن تلك الجامعات تمنح فرص العمل للطلاب في مجال تخصصهم. عاد هؤلاء الأبطال رافعين ألوية المعرفة والثقافة و يس ويو نو والمصطلحات الإنجليزية المعقدة فارغة المحتوى، ليحتلوا مكان أبناء المحافظات الذين دفعوا من جيبهم ثمن غرور وتعالي أهل الجوردان، تحت مسمى " النخبة".
لا تسئوا فهمي، فبالتأكيد لن تصمد شهادة من جامعة أردنية أمام مظاهر هارفرد، ولن تصمد لغة المحلي على لغة من عاش في إنجلترا أو أمريكا لفترة من الزمن. طبعاً سيكون أعلى من خلال التقييم، ولكن أي تقييم؟
إنه التقييم الذي ينظر الى الورق ليفرز أشخاصاً لا يشبهوننا، لا نفهمهم ولا يفهموننا، نرميهم بسهام الفساد ويرموننا بسهام التخلف، لتزداد الفجوة أكثر وأكثر. بينما يكمن التقييم الحقيقي في تمكين المجتمع المحلي وهو أصلا ما تقوم تلك الجامعات بتدريسه! أهالي المناطق المحلية هم الأولى والأنسب ف"أهل مكة أدرى بشعابها" وهذا نظام تتبعه أرقى الجامعات العالمية والدراسات متعددة حول نجاعته.
أختم هنا بسؤال؛ إن كان المسؤولون بهذا الانبهار بأهل الجوردان، فلماذا لا تدعوهم في جوردان، وتتركوا وظائف المحافظات لأهلها؟ يعني أقلها وحفظاً لماء الوجه