أمستردام تلتهب: غضب عربي ضد استفزازات الاسرائيلية
عمر ضمرة
09-11-2024 12:45 AM
في مشهد يعيد التأكيد على وحدة العرب وتجاوزهم للفوارق التي خلفتها اتفاقيات "سايكس بيكو"، اندلعت أحداث عنف تأديبية عربية ضد مشجعي فريق مكابي تل أبيب، عقب مباراة جمعت فريق مكابي بنظيره أياكس أمستردام.
وفي آخر التطورات، أعلنت شرطة أمستردام نقل خمسة مصابين إلى المستشفى عقب أعمال الشغب، فيما أفادت وسائل إعلام لدولة الإحتلال الإسرائيلي بأن حصيلة المصابين من الإسرائيليين ارتفعت إلى عشرين، مع وجود سبعة مفقودين، في مؤشر واضح على حجم الغضب الذي أثارته تصرفاتهم المستفزة.
الحدث الذي بدأ بتصرفات مستفزة من الجانب الإسرائيلي، مثل إنزال العلم الفلسطيني من على أحد الأبنية، تلاه ترديد هتافات عنصرية تسيء للعرب، وتؤيد حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عام على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، إلى جانب تأييد ما يرتكبه الاسرائيليين من اعتداءات دامية على الأراضي اللبنانية.
حوادث العنف هذه لم تكن مجرد شجار عابر ضد هتافات عنصرية استفزازية لمشجعين، بل هي، في جوهرها، رسالة عميقة تشير إلى أن الكراهية الاسرائيلية للعرب تمتد لتشمل كل من ينتمي لهذه الأرض من المحيط إلى الخليج؛ لا فرق في نظرهم بين فلسطيني أو مصري، أردني أو سعودي، يمني أو سوري. إنها كراهية نابعة من رؤية عنصرية متجذرة، تتضمن نزعة إلى الإبادة والإقصاء، وتستمد شرعيتها من مركب نقص يعاني منه الاسرائيليين، الذين يشعرون بأن وجودهم على أرض فلسطين المحتلة هش وعابر وليس دائمًا، مما يدفعهم لشن الاعتداءات وللاستهتار بأبسط حقوق العرب.
وفي حين يصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما حدث في أمستردام بـ"معاداة السامية"، فإننا نتساءل: بأي عين يرى نتنياهو العالم؟ وهل يتجاهل الهتافات العنصرية التي أطلقها مشجعو فريق مكابي ضد العرب، أبناء الأرض الأصليين؟.ونذكر نتنياهو بأن العرب هم من أبرز الشعوب السامية الذين سكنوا الجزيرة العربية، وامتدت حضارتهم إلى مناطق مختلفة من الشرق الأوسط.
هذا المشهد الغاضب في شوارع أمستردام، حيث زالت الفوارق بين أبناء العرب وتلاشت الحواجز السياسية التي حاولت قوى الاستعمار فرضها في عالمنا العربي، يمثل نداءً لإعادة النظر في قضايانا القومية وثوابتنا المشتركة بعيداً عن حسابات النظام العربي الرسمي. إن ما قام به العرب من رد فعل تجاه الإساءات العنصرية الإسرائيلية ليس سوى صورة عفوية للتضامن الحقيقي بين أبناء الأمة الواحدة.
أحداث أمستردام تفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول ضرورة إحياء الهوية القومية العربية، وتعزيز روح التضامن في مواجهة العنصرية والعدوان، والتأكيد على أن قضايا الأمة، على اختلافها، لا تزال حية في ضمائر أبنائها، تتحد فيها قلوبهم وتلتقي عندها مشاعرهم، بغض النظر عن سياسات الغرب الكولونيالي التي تحاول أن تفرق بين الأخوة الأشقاء.