الرئيس ترامب .. محاولة تحليل عقله الباطن
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
08-11-2024 09:14 AM
سأحاول في هذه العجالة الدخول الى عقل الرئيس ترامب الباطن بناء على التوازن الكيميائي في التشابكات العصبية و انعكاسها على السلوك الانساني فالرئيس ترامب و كل القادة هم في آخر اليوم بشر لهم عقل واعي مسؤول عن أقل من خمسة بالمئة من حياتهم و عقل باطن هو المسيطر.
من مراقبتي لخطابات ترامب اجد أن مكانه الهادئ الآمن هو العائلة و التاريخ العائلي و بشكل خاص الأم. كل فرد فينا يبحث عن الأمان الداخلي و يبدو أن ترامب يجد الامان في الأم و بالتالي فإن الزوجة و التاريخ العائلي هو المدخل للانسان العادي داخل ترامب. لو كنت في موقع يسمح لي بمقابلة ترامب و اختيار طريقة المقابلة لاخترت لقاءه عائلة مع عائلة بل لفضلت وجود الأم ايضا لان ذلك مكان فيه ترامب البعيد عن كل الصراعات و الافكار و التنافس.
ترامب برأيي يصر على أن يكون النجم في كل حدث مهما صغر و أن يكون مركز الاضواء و سيقاتل من يسلب منه و لو جزء بسيط جدا من تلك الاضواء. لذلك لو كان لي ان اتعامل معه لصنعت حدثا أو قضية و تركته يكون النجم و بما ان مكانه الهادئ هو التاريخ العائلي و الذكريات فقد يكون الارث البدوي الاردني الذي يعلي من شأن الام كمركز للاسرة هو الحدث.
نتيجة ارتفاع الدوبامين و السيروتونين برايي في التشابكات العصبية في عقل ترامب فإنه معتد بذاته و يمتلك طاقة هائلة لذلك فإن اي صدام معه مدمر و لكن احتوائه كفرد هو من خلال المنطقة التي تستكين بها هاتين و هما الام و العائلة و الذكريات و التاريخ.
ترامب خطيب مفوه و سريع البديهة في الرد و هذا برايي طبيعة الاشخاص الذين يستمتعون بربط عدة افكار و الخروج بفكرة واحدة اي استنباط فكرة من عدة اجزاء من فكرة و تلخيصها في جملة او جملتين. لذلك لو كنت اتعامل على المستوى الفردي مع شخص مثل ذلك لاعطيت له الافكار مثل puzzle متناثره ليرضي اعتداده بنفسه في حلها و يمارس هوايته العميقة لتجميعها بفكرة.
من يمتلكون ما سبق عادة يكونون ليسوا فقط قيادي بل يكرهوا فكرة الشعور بان اي فرد او جماعة يقودهم او يملون عليهم و اي اشارة انهم ليسوا القائد و المحرك الاوحد لحدث ما يفقدون الحماس لذلك الحدث. لذلك لو اردت احباط عمل ما لاظهرت ان القيادة لغيرهم و انهم تابعون.
عكس ما يعتقد الكثيرون فانني لا اعتقد أن ترامب يحب العنف في السياسة فهو برايي مثلنا الجراحين نمارس الجراحة و هي شكل نبيل من العنف عندما نعتقد انها في صالح الآخر. طبعا نحن نعتمد اسس علمية و لكن في حالة سياسي مثل ترامب اعتقد ان عقله الباطن يعتمد تصنيف قناعته بين الاخيار و الاشرار وفق ما برمج عليه.
لذلك لا اعتقد ان ترامب سيذهب لحروب واسعة او طويلة و لكن لن يمانع في عمليات جراحية محدودة و سريعة على ان تكون وفق تصنيفه الذاتي للاخيار و الاشرار. لو قيض لي أن اقترح لركزت على الدور الانساني في احتواء اللاجئين للاردن و فرض نفسها جبرا في تصنيف الاخيار. انا اعرف اننا نمارس ذلك و لكن قد نحتاج اعلاما بلغة اخرى و تكررا لا ينتهي.
استكمالا للفقرة السابقة فإن الاعلام الامريكي و طبيعة الرئيس ترامب برأيي تعشق السوشيال ميديا و نجوم التمثيل و الاعلام و هؤلاء من سيسمع لهم اكثر فماذا لو كان هنالك زيارات متكررة من هؤلاء بدعوات تحمل الطابع الانساني النبيل لتقديم الدعم المعنوي للاجئين و شرح الدور الأردني الانساني النبيل في حماية تلك الفئات التي جارت عليها الجغرافيا و الاحداث.
طبيعة ترامب برأيي أنه يحسب العائد المادي من كل عمل و لكن برايي فان العقل الباطن لرجال الاعمال يرغب ايضا بالمردود المادي من الشهرة و التاريخ و الانجاز و لكن دون بذل الكثير.
اعود خطوة لمسالة التاريخ و العائلة فهذا يدفعني ان اتوقع ان ترامب سيحاول في العمق ان ينتمي او يشعر انه المحافظ على مظاهر التاريخ الديني حتى لو لم يكن متدينا و هذه قد تكون مدخلا لاطلاعه على التنوع الديني و التعايش الذي حافظت عليه الاردن و مثلت فيه نموذجا لقرون.
هذه افكار سريعة جمعتها عندما فاز ترامب البارحة و حاولت ربطها بفهمي العملي للعقل الباطن و لكنني سأحاول أن أغوص اكثر عندما يتسنى لي الوقت.