قراءة في كتاب "الحب الصافي" تأليف: الأستاذ خالد حازم نسيبة
يوسف عبدالله محمود
07-11-2024 05:42 PM
في كتابه "الحب الصافي" الصادر عن دار الخليج للنشر والتوزيع، الأردن، تلقانا تجربة إنسانية فريدة في مفرداتها التي تتأمل في اسرار الكون برؤية فلسفية هي بحق درس يقدمه المؤلف لبني البشر حاثًا إياهم على المحبة والتراحم.
الكتاب يشتمل على عناوين مختلفة كلها تركز على تصرفات البشر داعية الى ممارسة العبادات الإلهية التي "تطفيئ شر الخطايا". ومن أطفأها آمن وحسنت خاتمته.
المؤلف يطوف بنا في تراثنا العربي والإسلامي مبرزاً ما فيه من اضاءات يجدر بالبشر تمثلها. من الذين اختارهم المؤلف مستعرضًا سيرته الإنسانية "عُبادة بن الصامت" هذه الشخصية الإسلامية التي ابلت بلاًء حسناً في الجهاد ضد الكفر والظلم. عُبادة بن الصامت هذا "عمل قاضيًا في رحاب فلسطين والقدس نزيهاً كان قلّ نظيره بين الحكام والولاة". علمًا من أعلام فلسطين والقدس كان. (المرجع السابق ص 21)
إنسانية خالد حازم نسيبة تتجلى في دعوته الى انهاء الخصومات بين بني البشر وإحلال الوداد والتراحم محلها.
اسمعه يقول: "ما الجدوى في حروب تجافي العدل؟ ما ذنب أطفال ولدوا في هذه البسيطة، فوجدوا الرصاص يطلق في المهد".
هذه الدعوة التي تلقانا ونحن نذرع صفحات هذا الكتاب الذي يدعو صاحبه مخلصًا الى "الحب الصافي" ينبغي ان تتناهي الى أسياد هذا العالم الذي تسوده شريعة الغاب بدلاً من شريعة الله.
فيذكرهم بيوم الحساب عنده تعالى.
في كتابه لا ينسى المؤلف دور المرأة شقيقة الرجال في تجميل الحياة الإنسانية. يخاطبها قائلاً: "اختاه يا وردة في حياتي لك مني كل الحب والأشواق. تحية إجلال لكل ام حملت عبء الحياة". (المرجع السابق ص 37)
كأني به يخاطب نساء "غزة" اللواتي ضَربن المثل في التضحية والبطولة متحديات جبروت وهمجية المحتل الإسرائيلي.
وبمفردات تدين حضارة عصرنا الحاضر التي تجرّم البريء وتدافع عن الذي يداه والغتان في دماء الضحايا الأبرياء "يا حسرة على حضارة تدين البريء وتكيل بمكيالين". (المرجع السابق ص 45)
يتحسر المؤلف على أمة تركت "الملهوف يستغيث دون ان تهبّ لإغاثته". "ويا اسفًا على امة لم تؤازر ولم تغث الملهوف من أبنائها". (المرجع السابق ص 50)
المؤلف يدعو الى "سلام يعم كل البشر". "وانا من الداعين لسلام يستحب فيعم العدل وينتشر". (المرجع السابق ص 50)
وبصوفيه –ما بعدها صوفية- يقدم لنا المؤلف عرفانًا بفضل الخالق –سبحانه- على البشر "تاهت النفس في حب ووله فما وجد حباً احسن من حب الخالق
يعرفنا منذ ان كنا مضغة او جنيناً في داخل الرحم
عرفت المحبة في الآفاق فلم اجد خيرا منه مُعتمد.
"رُحماك ابدا يا رب العباد فمن غيرك يكشف الكرب والكمد" (المرجع السابق ص 73)
ومرة أخرى وبنبرة صريحة صادقة يلتفت الى "غزة" المناضلة قائلاً: "يا حسرة عليك يا طفل غزة انت الورد وانت النسيم وانت النرجس وجهك الصبيح يشع نورًا والدم يسيل على المُحيّا". (المرجع السابق ص 76)
وفي ابتهال الى الله سبحانه يرفعه خاشعاً مستغيثاً يقول: "متى يدركنا الفرح والفرج في دنيا تعرفنا وقد لا نعرفها بقاء العيش في الله مرتهن فاعتصم به عضدًا.
وبعدن فقد افلح المؤلف وأجاد وهو يقدم لنا سطورًا تزهو بالحكمة والإنسانية.
خالد حازم نسيبة في كتاب "الحب الصافي" احسن التأمل في معاني الحياة الإنسانية. كل ذلك تم بلغة شاعرية تفيض بالمحبة والأمل في نشدان السلام.
وبصدق فقد جاءت عناوين هذا الكتاب تخدم عنوان الكتاب "الحب الصافي" دعوة المؤلف لِ "المحبة" بين البشر على اختلاف اديانهم هي وحدها التي ستحمي البشرية من اهوال الحروب. هي القادرة على ان يظل حبل التواصل بين البشر قائماً على المحبة والاحترام.
البشرية اليوم ظمأة الى الحب الصافي. كفاها اغتيالاً لهذا الحب.
وكما قيل: حيثما يوجد الحب يوجد الله.