الجبهة الداخلية الأردنية والأولوية
د. محمد العزة
07-11-2024 03:00 PM
يتكرر هذه الأيام داخل أروقة استديوهات و ندوات التحليل على شاشات و صفحات و سائل الاعلام الاخبارية المحلية و لسان المسؤولين و منتسبي القوى السياسية و الحزبية و رواد الفعاليات الشعبية ، مصطلح المشاريع و المخططات السياسية الإقليمية و الدولية .
شكلت نبرة اللغة و عدد مرات التكرار و مدى صيغة المبالغة فيها لقوى و فرق بناءا لوجهات النظر و درجة الاقتناع بها ، ابتداءا من فريق الواقعية و الاعتماد على ثقة الاردن بقيادته و شعبه التعامل مع هذه المشاريع و استقبالها بما هو متوفر من إمكانية متاحة دون المبالغة و استنزاف الطاقة الاستيعابية لموارد الدولة البشرية و أشاعة حالة الطواريء فيها ، ما يؤثر على مسار عملها و نشاطاتها الطبيعية و منح الثقة للسياسة الديبلوماسية الأردنية المعروفة باعتدالها و حكمتها في إدارة أحداثها ونتائجها ، وفريق وصل به المستوى إلى الهلع و الخوف و تضخيم ما هو قادم ، و ما بينهما فريق ثالث يتبنى أن الحالة السياسية العامة تتطلب الاستعداد للتعامل مع جميع الاحتمالات.
تكمن المشكلة على الساحة الأردنية في هذه المرحلة الحالية سيطرة الحالة العاطفية الدينية أو الشعبية و القومية السطحية الانفعالية عليها ، و كل من يحاول الاقتراب و سرد أو شرح الاحداث بأسلوب مجرد واقعي فورا يتم استنفارها و توزيع الاتهامات و اغتيال الشخصيات لمن يقدم على نقدها ، أمر آخر بعض النخب السياسية الحالية على الساحة الأردنية ، عليها إعادة النظر في نهجهم وخاصة تلك التي تقدم مصالحها الشخصية و أهدافها السياسية على حساب المصلحة العامة و المشروع الوطني ، مع مطالبة اكبر من القوى والأحزاب السياسية إلى فهم أكثر وأكبر و أعمق للعمل الحزبي الوطني البرامجي ، لانضاجه و إنجاز مسيرته و تحقيق أهدافه وهذا ما يعزز ثقة المواطن فيها و ما يصدر عنها ، حيث نعاني من يمين سياسي يتبع فكريا لتنظيم خارجي ، و يسار عائم مرتبط بحبل سري بالي من زمن الماضي و وسط أو تيار محافظ يخشى على مكاسبه و مواقعه ويلجأ إلى ادوات و هويات فرعية كأساس لنواة إعادة هياكله السياسية.
علينا أن نكون جاهزين و جادين و العمل وفق رؤيا واضحة عمادها الصدق و الصراحة و الجدية بعيدا عن التنظير (و الرسالة هنا للساسة) دون الارتكاء و الارتخاء و الاتكال على عقل الدولة ، بل يجب أن يكونوا شركاء كل في موقعه ، و قدرة التقاط الرسائل والعمل بالمضامين ، وهذا يقع ضمن وصف عنوانه الذكاء السياسي و توظيفه في قيادة و صناعة الحالة الشعبية و تكوين الرأي العام الإيجابي.
تراكمات الأحداث خلال سنة ماضية أوجد رأيا سلبيا و سالبا ، سلب لغة الاتصال و مهارات التحليل و حق الرد و النقد والحوار في ما بيننا فقط أتاح حق الاصطفاف و التمركز كل حسب نواياه.
محور و جوهر المقال و خطوطه العريضة أن الأولوية للاستدارة للملفات الداخلية و الشأن الداخلي الاردني و تفرعاته و فروعه على الاصعدة التالية:
١.الصعيد السياسي:
التركيز على البرامجية و المواطنة و الهوية الوطنية و الوحدة الوطنية و الجبهة الداخلية.
٢. الصعيد الاقتصادي: تحسين المعيشة و رفع الحد الأدنى للأجور و ايجاد مستوى عالي لفرص العمل و التشغيل و مكافحة البطالة و والإستثمار و جودة الخدمات و البنى التحتية.
٣. الصعيد الإداري:
رشاقة القطاعات وخاصة العامة و ضبط النفقات و الاعتماد على الكفاءات في الإدارة لضمان جودة الانجاز و المخرجات.
هذا يدفعنا إلى حاجة تأسيس فهم عميق لمفهوم ( المواطنة ) بعيدا عن عصبيات العشائرية و الايدلوجية المتطرفة و العقائدية الدينية المتشددة، فهم عميق راسخ متجذر يكون حجر الزاوية فيها الحقوق و الواجبات كأساس و عماد الميزان لها ، هذا اولا ، ثانيا ما يتعلق بالهوية الأردنية الذي تأخر عقل الدولة في الاستدارة لها لعوامل خارجية وداخلية نتاج طبيعة تكوينها في البدايات و الانتماء لفكرة القومية العربية ولاحقا حصيلة احداث تراكمية واكبت تاريخ الدولة و أسهمت في ذلك.
آن الاوان العمل و التركيز على صناعة و زراعة وعي وقناعة بأهمية الهوية الوطنية للحفاظ على الدولة الأردنية الوطن الضلع و الدرع و الضرع لشعبه العظيم و قضيته المركزية السياسية القضية الفلسطينية ما دام هناك احتلال و كيان يعمل بعقلية الثكنة العسكرية وهذا يوصلنا إلى مصطلح الهوية الوطنية الأردنية الجامعة الحاضنة، الجامعة التي تخص الاردنيين فقط و إفهام الشارع وإيصال رسالة له أن هذا المصطلح لم يتم صياغته و تصميمه لغايات توسيع أو تغير تركيبة هذا الوطن و العبث باعدادات ديمغرافيته بناءا لمشاريع أو مخططات خارجية قادمة ، وانما هو لمواجهتها و الاستعداد لها بجبهة داخلية اردنية موحدة كأستراتيجية ذات أهمية لها الأولوية ليظل هذا الوطن عزيزا كريما آمنا مطمئنا مستقرا.