لماذا تنافس كتلة العمل الإسلامي على رئاسة مجلس النواب ؟!
أ. د. حسين الخزاعي
06-11-2024 07:48 PM
في الشريط الاخباري لمعظم المواقع الإخبارية نقرأ ونصدم ونندهش من اعلان كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي عن ترشيح رئيسها النائب المخضرم صالح العرموطي ، لموقع رئاسة مجلس النواب، وتؤكد الكتلة بيانها ان هذا الترشيح جاء بعد تواصل الكتلة مع الأحزاب والكتل النيابية والنواب المستقلين في إطار الاستعداد للاستحقاقات النيابية داخل المجلس، ولحلحلة وتفكيك وقراءة هذه المستجدات المفاجئة والخطيرة غير المسبوقة تاريخيا من قبل حزب جبهة العمل الإسلامي ( الاخوان المسلمين ) للتوصل الى رؤية عامة في ابعاد هذا الاجراء نتوقف عند المعطيات التالية :
اولاً : يشير بيان كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي عن اجراء لقاءات مع الأحزاب والكتل النيابية والنواب المستقلين استعدادا للاستحقاقات النيابية داخل مجلس النواب، والسؤال المطروح ماذا كانت نتيجة هذه اللقاءات ؟ وهل ستدعم هذه الكتل النائب المخضرم صالح العرموطي ام لا ؟ لا يوجد إجابة وردت في البيان سوى ان الروح الإيجابية قد غمرت كافة اللقاءات مع المكونات الحزبية والتي عبرت بشكل واضح عن طموح الجميع بالارتقاء بأداء مجلس النواب واستشعار أهمية تعزيز عمله في ظل الظروف التي يمر بها الاردن الحبيب، نفهم من هذا البيان الصادر عن كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي عدم وجود دلائل أو شارات على دعم الكتل الأخرى للعرموطي وسيبقى الدعم محصورا على كتلة الحزب البالغة (31 ) نائبا ، وبحدود (10) نواب من المتعاطفين والمحسوبين على كتلة الحزب ، أي سيصبح عدد الداعمين (40- 45) نائبا فقط . لماذا الاقدام على هذه المغامرة والزج بالنائب العرموطي المحبوب شعبيا في هذا الموقف ؟! وماذا يدور في أفكار وخيالات الحزب التي دفعتهم الى هذه الخطوة ؟.
ثانياً: يشير بيان كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي ان الكتلة تؤكد على عملها في المجلس وفق مبدأ التشاركية ومد اليد لجميع الأطراف بما يخدم المصلحة العامة للوطن، والسؤال الذي يجول في الخاطر والوجدان والفكر الاستراتيجي ما الذي يضمن او يؤكد ان تعمل الكتل الأخرى او النواب المستقلين مع كتلتكم بنفس مبدأ التشاركية ومد يد العون لكم ، وخاصة بعد قراركم خوض انتخابات رئاسة مجلس النواب ، هل تتوقعون دعمكم على حساب مرشح الكتل والتوافقات الأخرى ؟! هل تتوقعون من النواب المستقلين الجدد الذين فازوا في الانتخابات ان يناطحوا الكتل الحزبية اذا توحدت واتفقت على مرشح واحد إرضاء لكم ؟ او ان يدعموكم واغضاب دوائرهم الانتخابية والتي قد يكون لها مواقف من حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي للإخوان المسلمين ، نواب المناطق العشائرية لن يضحوا بالوقوف مع كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي على حساب اغضاب الحكومة ، وخاصة ان مطالب كثيرة يجهزونها لتقديمها للحكومة تتعلق في دوائرهم الانتخابية.
ثالثاً: هل فكر حزب جبهة العمل الإسلامي بشكل عام ، وكتلة نواب الحزب بشكل خاص جيدا قبل الاقدام على هذه الخطوة ، وما مصير الكتلة اذا اخفق النائب العرموطي في الفوز ، وهل فكرت كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي بان الكتل الأخرى لو قررت تجاهل ترشح النائب العرموطي وعدم التواصل مع كتلة العمل الإسلامي او التفاوض او التشاور معها وستتخذ موقف المواجهة مع كتلتكم ماذا ستكون النتيجة؟ ولو قرر جميع المرشحين لرئاسة المجلس الاتفاق بينهم على تقاسم (الكعكة ) رئاسة المجلس ونواب الرئيس ولجان المجلس ، وتجاهلوا وجود كتلة حزب العمل الإسلامي ، باختصار هذا سيضع الكتلة والمحسوبين عليها الـ (40) في زاوية العزف المنفرد. وابعادكم عن الشارع ولن ينفعكم الربع المعطل ولا الحناجر الغاضبة ولا الحجب ولا الاستجوابات ولا الأسئلة ولا عدم الموافقة على قرار او اقتراح او تعديل او الانسحاب من الجلسات ، موقفكم سيزيد من تغول الحكومة على المجلس طالما ان فتحت العداد (86) نائب موافق.
رابعاً: وجود كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي بدون هذه المغامرة يخدم الحزب بشكل عام والكتلة داخل المجلس بشكل خاص، كون الكتل كافة بحاجة لكم ، ولكن هذه الخطوة وترشحكم لرئاسة المجلس تبعد الكتل والمستقلين عن التعاون معكم او مساندتكم مستقبلا ، وسيبقى صوت ( أبو عماد ) النائب الشعبي المحبوب الذي ينطق باسم هموم المواطن صوتا صادحا يدعمه فيه النائب المفوه والعنيد والصلب ناصر النواصرة والدكتورة المبدعة المتواضعة ديمة طهبوب وغيرهم من كتلة العمل الإسلامي ، والحكومة لن تسمع ولن ترى ولن تتحرك حتى لو تحرك النواب الـ (40) الذين يساندون كتلة العمل الإسلامي.
خامساً: نعود والعود احمد للبيان الصادر عن كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي ونقرا في البيان عبارة ملغومة : "ليأخذ مجلس النواب دوره بشكل كامل وفاعل في تحمل المسؤوليات الوطنية في هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها المنطقة العربية" ونتابع ما جاء في البيان" إن مجلس النواب من ركائز بناء الدولة وتحصينها وتعزيز حضورها، وإن قوته تعبر عن قوة المجتمع وعن إرادته، وهو قوة لكل سلطات الدولة في مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات. والسؤال الذي يجول في الفكر وبحاجة للغوص في العمق والتحليل الاستراتيجي ، هذه عبارات قوية خطيرة تشير الى احتمالين ، الأول وجود تحالف واتفاق بين الدولة وكتلة العمل الإسلامي على ترشيح النائب صالح العرموطي لمواجهة تهديدات المرشح الجمهوري دونالد ترامب وها هو قد فاز في الانتخابات ، حيث ان شعبية الاخوان الظاهرة ( نصف مليون ) اردني ، والصامتين اضعاف ، هذا العدد يوحد الصف المجتمعي لمواجهة التحديات التي يقول عنها البيان ، وتكون رسائل لأمريكا وحلفائها ان الصوت الشعبي يقف ضد مخططات التهجير وابتلاع الضفة الغربية وتوسعها لصالح دولة الكيان حسب تصريحات ووعود ترامب للجالية اليهودية في أمريكا، وهذا تفكير سطحي خاطئ لان ترامب شخصية عنيدة وصديق حميم لدولة الاحتلال ، وسيحقق كل وعوده لإسرائيل وصديقة نتنياهو ، لن يسأل او يكترث لمظاهرة او مسيرة او خطاب او شجب واستنكار او بيان عرمري من مجلس النواب او من الاخوان المسلمين وفصائلهم والمحسوبين عليهم، وسيضع مجلس النواب ورئيسه الدولة في موقف محرج مع الامريكان ورئيسهم المتهور العنيد الذي لا يتراجع في قرار ويواصل التنفيذ حتى ينتصر في النهاية هذه بعض تحليلات لشخصية الرئيس ترامب ، والاحتمال الثاني ان يتم انسحاب المرشحين لرئاسة المجلس والإبقاء على مرشح واحد يدعم ويسند من كافة الكتل لمواجهة كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي والحاق هزيمة بالمرشح العرموطي برغم محبتهم له ولكن المصالح تؤجل المحبة اخي " أبو عماد " ، ولكن يخسر حزب جبهة العمل الإسلامي قوته وشعبيته التي حققها في الفوز في الانتخابات . وهذا الاحتمال يذكرني ما جرى بتاريخ 12/12/2020 اليوم الذي تم فيه افشال حصول النائب النقابي المخضرم صالح العرموطي على عضوية اللجنة القانونية حيث حصل على اقل عدد من الأصوات ولم يتمكن من الانضمام للجنة القانونية والذي كان موضع استهجان لما حصل مع " العرموطي" افشاله بدلا من التنازل له وافساح المجال للمعلم والخبير والقانوني والمحامي المعروف في اللجنة ولكن تم ابعاده نهائيا عن اللجنة القانونية ؟ ماذا تغير اخي العزيز أبو عماد ، نفس اللاعبين يديرون المشهد ، في ظل هرولة لتحقيق المكاسب والمنافع وانهيار مبكي في منظومة القيم والأخلاق وعدم احترام الكبير والأستاذ والمعلم والنقيب السابق والمحامي المخضرم . وجرى ما جرى في مشهد دراماتيكي . هل ترغب ان تعيش اللحظة نفسها يا اخي العزيز أبو عماد.
سادساً: عندما قررت الكتلة ترشيح النائب صالح العرموطي لرئاسة مجلس النواب ، سؤال مهم تبادر الى الاذهان ، لماذا لم تستنسخ كتلة العمل الإسلامي سيناريو مشاركة " الاخوان المسلمين " في المجلس النيابي الحادي عشر (1989) في مختلف اعماله ولجانه وقراراته، لماذا لم يتم تأجيل البحث في هذا الموضوع للسنة الثانية من عمر المجلس على غرار ما جرى مع النائب الدكتور عبد اللطيف عربيات عليه رحمة الله عندما ترشح في السنة الثانية من عمر المجلس، ولم يدخل الاخوان المسلمين من بدايات عمر المجلس في مناكفة وصراع وتنافس ومواجهة على رئاسة المجلس ، لا ننسى ظروف برلمان 1989 تختلف كثيرا عن الوقت الحالي. والسؤال الأهم والمهم ماذا سيقول المجتمع عن هذا الترشيح ، سيقول المجتمع حزب جبهة العمل الإسلامي تملكه الغرور بعد الفوز في الانتخابات ويبحث الان عن مواقع ومناصب قيادية، سيقول انكم حزب الدولة ولا تختلفون عن الأحزاب المدعومة من الحكومة ولا تخفي دعم الحكومة لها.
اخر الكلام ،،، رحم الله شيوخنا وابائنا وحكمائنا عندما كانوا يقولون " عد للعشرة " قبل الاقدام على تنفيذ أي خطوة او اتخاذ قرار ، يبدو انكم يا كتلة جبهة العمل الإسلامي لم تعدو للخمسة مش للعشرة ، قراركم خاطيء والتراجع عنه اليوم قبل غدا لمصلحتكم الا اذا كنتم ترونه خدمة للوطن، واخذتم الضو الأخضر، عندها نضرب لكم الف تحية وسلام، بكل الأحوال قراركم خاطئ . وللحديث اكثر من بقية.