"العرموطي" .. بين الأحقية .. ومعايير النزاهة ..
محمود الدباس - ابو الليث
05-11-2024 08:47 PM
في مشهد الانتخابات النيابية الأخيرة.. استعاد المواطن الأردني إلى حدٍ ما ثقته بعملية النزاهة والشفافية.. فشهدنا فوز حزب جبهة العمل الإسلامي بعدد كبير من المقاعد البرلمانية.. الأمر الذي ترك انطباعاً إيجابياً حتى لدى معارضي هذا التوجه.. ومع اقتراب موعد افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة تحت رعاية جلالة الملك منتصف هذا الشهر.. ينتظر الجميع لحظة اختيار رئيس مجلس النواب.. وهي خطوة دستورية طبيعية.. يحق فيها لأي نائب أن يتقدم.. إذا رأى في نفسه الكفاءة والدعم الكافي..
لكن اللافت هنا.. هو التوجه الذي بدأ يظهر في بعض وسائل الإعلام.. ومنصات التواصل الاجتماعي.. حيث باتت بعض الأقلام تروّج لفكرة أن عدم فوز سعادة السيد صالح العرموطي بمنصب الرئيس.. سيكون بمثابة طعنة للديمقراطية الأردنية.. وكأن هذا الفوز وحده هو معيار النزاهة والشفافية.. أي أن بعض الكتاب رسموا صورة مسبقة في الأذهان.. أن خسارته تعني تدخلاً وضغوطاً لاختيار غيره.. متجاهلين بذلك أن الديمقراطية هي ساحة التنافس الشريف وليست مقياساً لشخص بعينه.. وتناسوا ما قد تم في الانتخابات من نزاهة.. وتغنوا فيها هم.. قبل غيرهم..
ولا يمكن إنكار أن "العرموطي" يمتلك أحقية طبيعية في الترشح لرئاسة المجلس.. فهو عضوٌ مخضرم من أقدم الأعضاء.. وصاحب كلمة جريئة لا تتردد في مواجهة الحقائق.. وهو رجل قانون قبل كل شيء.. ومع هذا تبقى الكلمة الفصل لصندوق الاقتراع.. حيث تتحدد الإرادة الحقيقية للأعضاء.. بعيداً عن الانطباعات والتوقعات الشخصية..
من هذا المنطلق.. من الضروري توضيح الصورة بشكل أعمق.. فسعادة "ابو عماد".. شخصية محترمة.. ولها وزنها ومكانتها.. وأنا أكن له كل التقدير والإعجاب.. ودوماً أسعى للسلام عليه وتحية مواقفه في كل لقاء يجمعنا.. ولكن مسألة رئاسة مجلس النواب.. تتجاوز الأفراد.. وتصل إلى من يستطيع أن يعيد للمجلس هيبته.. وقدرته على ضبط إيقاع الجلسات.. وتحقيق مصالح الشعب بكل نزاهة وعدالة..
وما يهمني حقاً ليس من هو الرئيس.. بقدر ما يهمني أن يكون الشخص الذي يجلس على كرسي الرئاسة هو الأحق والأجدر بتلك المسؤولية.. وأن يمتلك القدرة على تفعيل دور المجلس بشفافية.. فإن فاز "العرموطي" أو لم يفز.. يبقى ميزان الديمقراطية أوسع من أن يُحصر في شخص بعينه..
محمود الدباس - ابو الليث..