قبيل ذكرى وعد بلفور «المشؤوم»، أسرف الكيان الصهيوني بقرارات جديدة، أمام أعين العالم أجمع، كُلها تُساهم في هدم القضية الفلسطينية، وتدمير أصحابها، وتجويعهم، ومُمارسة أقذر أنواع الإبادات الجماعية، التي عرفها التاريخ أو سمع عنها البشر.
آخر تلك القرارات، كان قبل أربعة أيام من ذلك الوعد المشؤوم، وبالتحديد في الثامن والعشرين من شهر تشرين الأول الماضي، حيث وافق ما يُسمى برلمان دولة الاحتلال الإسرائيلي (الكنيست) على مشروع قانون يحظر على وكالة الأُمم المُتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) العمل هُناك في الأراضي التي احتلها الصهاينة، بمُساعدة ودعم دول العالم الأقوى.
كعادته، يواصل الاحتلال الضرب بعرض الحائط لكُل قرارات المُجتمع الدولي، وتحذيرات هيئة الأُمم المُتحدة، غير آبه بتلك القرارات أو التحذيرات، لا بل ويُسرف بكُل عنجهية وتعجرف بمواصلة حملاته الشرسة التي لم تتوقف منذ أكثر من سبعة عقود ونصف العقد.. وكأنه مكتوب على الفلسطينيين أن يعيشوا نكبة تلو الأُخرى، أو حروب وقرارات وإجراءات لا تقل أهمية عن قرار بلفور.
فعلى الرغم من أن الكثير من الدول، وعلى رأسها الولايات المُتحدة الأميركية (الشيطان الأكبر)، وتحذيرات أطلقها أمين عام الأُمم المُتحدة أنطونيو غوتيريش، ومن بعده أعضاء مجلس الأمن الدولي، دعت الاحتلال إلى عدم المضي قدمًا في إقرار ذلك المشروع الشؤم الجديد، إلا أن الأخير ظل مُصرًا على طغيانه وهمجيته ووحشيته.
الشيء غير المُستبعد، وليس بالغريب أيضًا، هو التبرير الصهيوني للإقدام على هذه الخطوة، والذي يتمحور حول «وجود رابط عميق بين حماس وأونروا».. الآن وبعد 75 سنة تكتشف دولة الاحتلال بأن وكالة إنسانية، هي آخر شاهدة على نكبة واحتلال فلسطين، وتُقدم عونًا ومُساعدات للفلسطينيين المنكوبين، هي منظمة إرهابية!.
فبعد كُل تلك الأعوام، وما شهدته المنطقة بشكل عام والأراضي الفلسطينية بشكل خاص، من تدمير وتقطيع وتفرقة، وحروب بربرية قادها الصهاينة، بدعم وإسناد من قبل أربابهم من الدول الغربية، بُغية إرجاع الدول العربية إلى العصور الحجرية، بلا أي تقدم وتنمية وازدهار،
لم يعد الأمر يحتاج إلى وعد مشؤوم آخر، فكما يُقال «المكتوب يُقرأ من عنوانه».
فما تفعله آلة البطش الصهيوأميركية، بدعم غربي لا محدود، وصمت عربي مُطبق، على الأراضي الفلسطينية المُحتلة، يوحي بأن هُناك وعودا مشؤومة كثيرة، وليس وعدًا واحدًا.
وإن كان وعد بلفور «عاطفيًا» من قبل بريطانيا إلى العصابات الصهيونية الإرهابية، وتم منحه بشكل رسمي، إلا أن «الوعود الجديدة» بلا أوراق رسمية أو إعلانات، وإن كانت مواقف الدول تؤكد ذلك.
وكما اكتفى العرب بإدانة واستنكار ذلك الوعد المشؤوم، ها هم يُقدمون على نفس «المنوال»، إلا من رحم ربي، فيما يخص موضوع وقف عمل «أونروا».. لكن يبدو أن هُناك فرقًا بسيطًا فعندما صدر الوعد المشؤوم رحبت به الدول الغربية، إلا أنها بموضوع «أونروا» اكتفت الدول نفسها وعلى خجل بالقول إن ذلك سيُعمق مُعاناة الفلسطنييين!.
الغد