إنّ العمل العام بجوهره يتطلب أن يقدم الشخص وقته وإمكاناته ومهاراته وقدراته في سبيل خدمة الناس، فما أجمل فرحة ترسمها على جبين محتاج!، وما أعظم بسمة ترسم على محييا فقيرا!، وما أزكى وأشهى سرور تدخله على قلب أخيك!.

إن المناصب بجوهرها وماهيتها وطبيعتها تتأرجح ما بين التكليف والتشريف، فالشخص بأدائه في منصبه يعكس انطباعا عن أي الوجهين يتخذ، فالذي يقدم الخدمة دون تكليف ويبحث عن مساعدة الناس ويبادر هو في القيام بواجبه هذا الذي يرفع قدر الشخص في عيون الناس ويجعل منه شخصا فريدا، لأنه اتخذ من مركزه تكليفا لا تشريفا تجده لا يفرق بينه وبين العامة في الكلفة وطبيعة الحياة يعيش بين الناس جسد ووجداننا يقاسي ما يقاسون ويأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون ويستخدم نفس الشوارع ويرتاد نفس الأسواق، أنه النموذج المثالي للقادة الذين بتنا نفتقدهم اليوم.

إن جميعنا يعلم أن ثلث ميزانية دولتنا اليوم تنفق على مخصصات النخب في مختلف القطاعات وهذا يعد رقما كبيرا يمكن الاستفادة منه في تحقيق النهضة والتنمية، فلماذا لا يتم تخفيض هذه المخصصات بما يوازي عامة الناس بحيث نستخدم ما يتم توفيره في قطاعات البحث العلمي وتطوير قدرات جيشنا الدفاعية؟. إن ذلك سيؤدي إلى أن تذهب بهارج المناصب في مختلف القطاعات وتفضي إلى أن يتقدم لها أهل المبادئ الذين يرونها تكليف لا تشريف فهمهم خدمة العامة بعيدا عن مميزات هذه المناصب.

إن هذا لو تم اتخاذه وإجراء التعديل عليه سيفضي إلى وصول أصحاب المبادئ إلى مواقعهم مما يرفع من كفاءة وأداء هذه المناصب لأنه لن يتقدم لها بغية الطمع المادي إنما من أجل الخدمة العامة، وكذلك تقود إلى ضبط الإنفاق بأوجه تعود بالنفع على الوطن والدولة كتطوير قدرات الجيش وتعزيز قوة البحث العلمي.