نجح الأردن بالوصول لصيغة رأى بها كثيرون أنها تاريخية فيما يخص الدراية الإعلامية والمعلوماتية، في زمن التوت به الأعناق، بحثا عن صورة واضحة تضمن دراية إعلامية، وبذات الوقت تواكب التطوّر التقني والتكنولوجي السريع مع الحفاظ على سلامة المعلومات والابتعاد عن أي إشاعات وضمان الحماية من مخاطر المعلومات المضللة، والتلاعب الرقمي، سيما في فترة حساسة كالتي يعيشها الإقليم اليوم، فكان أن وضع الأردن محددات واضحة لنجاح مؤكد يجعل من هذا الجانب محصّنا بصيغ نموذجية في تطبيقها ممارسات فضلى.

نهاية الأسبوع الماضي، اختتمت أعمال المؤتمر الثالث عشر للأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية، والذي نظمته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة « اليونسكو» بالشراكة مع وزارة الاتصال الحكومي على مدار يومين في عمان، بحضور خبراء إعلاميين وصحفيين ونشطاء وصانعي محتوى، فكان المؤتمر بعيدا عن النمطية والتقليدية في جلساته التي أخذت طابع العصف الذهني بين المتحدثين والمشاركين، بمتابعة شخصية وحضور دائم من وزير الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني، ليكون المؤتمر مكتبة علمية في كل ما يخص الدراية الإعلامية والمعلوماتية، وخرج بإعلان عمّان الذي تضمن قيمة ثريّة في كل ما يخص هذا الجانب الهام والذي يعدّ أولوية على مستوى العالم.

دون الدخول بتفاصيل جلسات المؤتمر وما قدّم خلاله من دراسات وأبحاث، وأوراق عمل، ناهيك عن الحوارات والمداخلات والتي نقلت بتفاصيل كاملة في حينه، يمكن القول إن عمّان استضافت تظاهرة إعلامية على مدى يومين، حضرها مئات الشخصيات العالمية والعربية وصانعي القرار الإعلامي والمعلوماتي عربيا ودوليا، وبذلك تأكيد على ما يتمتع به الأردن من سلام استثنائي، إضافة لكون كل ما شهدته أروقة المؤتمر يؤكد أهمية مكانة الأردن في كل ما يخص الدراية الإعلامية والمعلوماتية، والتربية الإعلامية، وتطوّره بهذا الجانب وعلى مستوى دولي.

لم يعد اليوم محو الأمية المعلوماتية ترفا، أو حتى اختيارا، ما يجعل منها ضرورة، وهو ما سلّط الضوء عليه المؤتمر الثالث عشر للدراية الإعلامية والمعلوماتية، جاعلا منها أساسا لقادم الأيام، وبالمقابل أن يكون هذا العِلم مؤطرا بحرية مسؤولة وبناء فكر نقدي على أسس علمية، من خلال بناء المهارات والكفاءات، وصولا لمحتوى ناضج وثري يحمي من مخاطر المعلومات المضللة والتلاعب الرقمي، معادلة ليست سهلة لكنها ممكنة، وفي إعلان عمّان خارطة طريق نموذجية وصولا لهذه الغاية.

في الدراية الإعلامية والمعلوماتية، نجح الأردن، كتجربة بصورتها العامة، وفي تنظيم المؤتمر الذي أجمع المشاركون به على التنظيم الناجح المميز، وأهمية المتحدثين، وفضاء الحريات الواسع للنقاشات والحوارات التي تجسّد بشكل عملي أن الحرية في الأردن سقفها السماء، وصولا إلى النتائج التي خرج المشاركون بتأكيدات على أهميتها، وأنها تعدّ حالة نموذجية للدراية الإعلامية والمعلوماتية يحتاجها الجميع بهذه الفترة الحساسة، والتي يبحث بها الجميع عن ضالته في هذا الجانب، لتكون بوصلة القادم من عمّان.

الدستور