facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الدراية القانونية للصحافيين .. بين الواقع والمأمول


د. أشرف الراعي
04-11-2024 12:28 AM

في وقت تتزايد فيه التحديات أمام وسائل الصحافة والإعلام، تتجلى أهمية الدراية القانونية كعامل أساسي لصياغة صحافة واعية ومسؤولة، و إطلاق اليونيسكو لـ “أسبوع الدراية” يأتي في توقيت حساس، خاصة في ظل التوسع الرقمي الذي فرض أشكالًا جديدة من التعبير وفتح آفاقاً إعلامية واسعة ومنتشرة ومتعددة ليس في الأردن فحسب، بل في العالم وألقى بثقل ظلاله علينا.

ومع أن هذه المساحات يمكن أن تشكل فرصة للإعلاميين والصحافيين والمؤثرين لنقل الحقيقة والتعبير عن هموم الناس، إلا أنها تفرض عليهم كذلك قيودا قانونية قد تحد من قدرتهم على العمل بحرية كاملة، وهو ما يقودنا إلى تساؤل عميق حول الدور الذي يمكن أن يلعبه القانون في التوجيه والتنظيم دون أن يتحول إلى أداة قمع أو رقابة صارمة؟

فلا شك أن التشريعات تضع حدودا لحرية التعبير لضمان سلامة المجتمع وأمنه، وتحقيق التوازن بين الحق في التعبير وحقوق الآخرين، وقد ظهر هذا التحدي بوضوح في الأردن، حيث واجه الصحفيون تحديات تتعلق بتطبيق قوانين الجرائم الإلكترونية، والتي رغم أنها تهدف إلى حماية المجتمع من خطاب الكراهية والمعلومات الكاذبة، إلا أن تطبيقها قد يشمل تجاوزات تُصنَّف كنوع من الرقابة غير المباشرة؛ إذ قد يجد الإعلامي نفسه متورطاً في دعاوى قضائية بسبب مقال أو تعليق على الإنترنت، لمجرد تجاوزه خطوطا يعتبرها القانون “محرمة”.

ولتجاوز ذلك، فإننا نحتاج حوارا شفافا حول كيفية تطبيق القوانين على وسائل الإعلام، ومدى مرونة التشريعات في التعامل مع أخطاء بسيطة أو تجاوزات طفيفة؛ فالعمل الصحفي بطبيعته يتطلب الجرأة والخوض في التفاصيل، وهي أمور تتطلب حماية قانونية تكفل حرية التعبير، دون تقييد لا مبرر له، في حين تُضمن العدالة لمن قد يتعرض للتشهير أو الاعتداء اللفظي.

وعلى نقابة الصحفيين الأردنيين أن تعمل على تثقيف الصحافيين مسبقا بالقوانين السارية وتوضيح ما يمكن اعتباره خرقا قانونيا، ومن الجدير أن تطلق النقابة دورات تدريبية وورشات عمل لتزويد الصحفيين بالمعلومات القانونية اللازمة، وتنظيم لقاءات دورية مع الخبراء القانونيين لمناقشة الإشكاليات والتحديات القانونية التي قد تواجههم؛ فتعزيز وعي الصحفيين بالقوانين لا يمنحهم فقط حماية، بل يساعدهم على تقديم محتوى أكثر مهنية ومسؤولية.

يبقى السؤال حول التوازن المطلوب بين حرية التعبير والمسؤولية الصحفية؛ حيث يُتوقع من الصحفيين أن يتمتعوا بحرية نقد الأحداث والتطرق للمواضيع الحساسة دون خوف، لكن عليهم في الوقت ذاته احترام النصوص القانونية والمعايير الأخلاقية التي تضمن عدم إيذاء الآخرين أو المساس بأمن المجتمع، إذ تعدّ الصحافة الجريئة والتي تعتمد على كشف الحقائق أساسا لأي مجتمع ديمقراطي، لكن هذه الجرأة يجب أن تكون مصحوبة بحس من المسؤولية.

ومن المهم أن ينظر الصحفيون إلى القوانين على أنها أدوات توجيهية، يمكنها مساعدتهم على العمل بشكل أكثر مهنية، دون أن يكونوا مرعوبين من التهديد بالعقوبات أو الملاحقات؛ ففي بيئة إعلامية يكون فيها الصحفي مدركا للمحاذير القانونية، يمكنه أن يبدع ويؤدي واجبه دون الوقوع في مخالفة القانون.

كما ينبغي أن تتعدى الدراية القانونية كونها وسيلة لتجنب العقوبات، لتصبح جزءا أساسيا من الإعداد المهني للصحفيين؛ إذ إن امتلاك المهارات القانونية يساعد الإعلاميين على العمل ضمن نطاقات محددة، مما يساهم في إنتاج محتوى ذو جودة عالية، ويخلق بيئة صحية للتواصل الحر والنقد البناء، ومن المهم في هذا السياق أن يعمل الإعلاميون على تعزيز قدراتهم على التفريق بين التعبير عن الرأي واتهام الأشخاص أو المؤسسات، الأمر الذي قد يُعرضهم للمساءلة القانونية.


إذن، ومع استمرار التحولات الرقمية وتعاظم تأثير الإعلام الإلكتروني، يبقى من الضروري إعادة التفكير في العلاقة بين الصحفيين والإعلاميين من جهة، والقوانين المنظمة للعمل الصحفي من جهة أخرى؛ فالمطلوب اليوم هو تعزيز الوعي القانوني لدى الصحافيين والإعلاميين، دون المساس بحرية الصحافة، كما أنه يجب أن تلعب نقابة الصحفيين دورا أكبر في هذا الصدد، بحيث تخلق بيئة تكفل للصحفيين العمل دون خوف من العقوبات القانونية، وفي نفس الوقت تعزز من المسؤولية المهنية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :