المواقف الأردنية الحقيقة .. بمواجهة الزيف
محمد حسن التل
03-11-2024 02:59 PM
بات من الواجب الوطني علينا جميعا أن نعلن النفير ونسخر كل إمكانياتنا للدفاع عن موقف الأردن ملكاً وحكومة وجيشا وشعبًا إزاء المذبحة التي يتعرض لها أهلنا في غزة وكل فلسطين لمواجهة محاولات المس بهذا الموقف ومحاولة الإساءة له من قبل كل عدو أو حاسد أو متربص، ولا نأتي بجديد حين نذكر أن الأردن عبر عقود طويلة من الصراع في فلسطين كان موقفه نابعًا من مسؤولياته الرسالية والقومية ولا أقول الإنسانية لأن الأردن لم ينظر يومًا إلى الفلسطينيين كشعب بحاجة إلى دعم إنساني مجرد، فموقفه نابع من التحامه مع القضية بحكم عوامل كثيرة تجعله رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة الذي يسعى ليجعل من فلسطين قاعدة له، وشكلت مواقف الأردن عبر كل ملفات الصراع العقبة الكأداء في مصارعة هذا المشروع وقدم على هذا الطريق دماء كثيرة ودفع أثمانُا باهظة نتيجة موقفه هذا، ولم يرضخ للإغراءات والتهديدات حتى ينفك عن هذا الموقف، وثبت ولا زال متمترسًا خلف موقفه لأنه يدرك بعمق خطورة عدم حل القضية الفلسطينية و تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني يجعل المنطقة ليس وحدها في هذا الصراع، بل العالم كله يدفع وسيدفع أثمانًا كبيرة على مستوى الاستقرار والأمن والاستنزاف..
إعتاد الأردن في مراحل كثيرة على الجحود أو محاولة تشويه مواقفه من قبل البعض الذي يرى فيه عائقًا كبيرًا أمام المشاريع المشبوهة التي يريد أصحابها تغييب وجه المنطقة لصالح المشروع الصهيوني، لأن إمكانياته الدبلوماسية الكبيرة جعلته حاضرًا على كل المنابر الدولية يؤشر على الحقائق ويشير إلى الخلل في التعامل الدولي مع قضية فلسطين وخطورة الانحياز للجانب الإسرائيلي، لذلك تسخر إسرائيل إمكانيات كبيرة وضخمة في العالم لتشويه الموقف الأردني ومحاولة التشكيك به، لأنه في تصورها يشكل عائقًا كبيرا أمام ما تسعى إليه.
منذ اليوم الأول لإنطلاق الهجوم الهمجي الإسرائيلي على غزة، انبرى الملك عبدالله الثاني ااذي يحظى باحترام وثقة العالم مسخرًا كل إمكانياته لإيضاح حقائق الصراع، وأن أس هذا الصراع وجذره هو الاحتلال ومحاولات التهجير وخنق الفلسطينيين وسرقة أراضيهم وزرعها بالمستوطنات التي تفتك بالجغرافيا الفلسطينية في محاولة للقضاء على أي أمل لقيام الدولة الفلسطينية، ونجح الملك في تغيير مواقف كثيرة في العالم وجعل أصحابها ينظرون إلى ما يحدث في فلسطين بعين العدالة، وأصبحوا يطالبون ليس فقط بإيقاف المذبحة، بل بحل الصراع من أساسه، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم في أرضهم واستقلالهم وحريتهم ،ولا زال خطاب الملك في الأمم المتحدة مؤخرًا يدوي في العالم محذرًا ومنذرًا من عواقب تجاهل أسباب الصراع، ومن خطورة الانحياز لإسرائيل، وجذب الخطاب الإعلام الغربي حيث أفرد له مساحات كبيرة في التحليل لأنه رأى فيه خطة طريق كاملة لحل القضية الفلسطينية وإخراج المنطقة من دوامة النار.
على كل المستويات خاض الأردن معاركه من أجل فلسطين عبر ما يقارب الثمانين عامًا، وعندما قرر العرب الحرب كان في بداية الصفوف، وقاتل جيشه بكل جسارة وبسالة، حتى قرر العرب ترك السلاح والمضي على طريق السلام والمفاوضات.
لم يساوم الأردن يومًا على فلسطين، ولو أراد لتحصل على كل ما يريد لكن تحالف الدم والعقيدة والقومية كان المحرك الأساس لمواقف القيادة الأردنية في التعامل مع الملف الفلسطيني.. وبعد كل هذه الملحمة المستمرة، لا زال البعض يحاول بائسًا المس بموقف الأردن بالكذب والتدليس والتزوير، ولم تكتف المملكة بالمعركة الدبلوماسية بل سخرت كل إمكانياتها المادية لدعم الأشقاء في غزة على كل المستويات الإنسانية، ولم تنقطع قوافل الدعم لهم يوما واحدا وانتشرت المستشفيات الميدانية على جغرافية غزة في ظل ظروف غاية في الخطورة يقودها شباب أردنيون حملوا على أكفهم أرواحهم من أجل مساعدة أشقائهم، ناهيك عن مئات القوافل التي تحمل كل أنواع المساعدات الغذائية والدوائية وكل ما يلزم المعيشة للأهل هناك.
الملك والملكة وولي العهد وحكومته وشعبه شكلوا فريقا أبهر العالم في الدفاع عن فلسطين على طريق إيقاف المذبحة والدفع بالعودة إلى جذر الصراع ، وعرض الأردن مصالح كثيرة له على هذا الطريق ولم يبال، لأنه يتحرك كما أشرت من منطلقات مختلفة عن الجميع في المنطقة ، في مقدمتها الرسالة التي يحملها الهاشميون في حماية فلسطين ودرتها القدس، ومن منطلق الالتحام بينه وبين فلسطين على جميع المستويات الإنسانية والجغرافية ، ثم من منطلق القومية والتاريخ ، منذ زمن الشريف الحسين بن علي ، وتوارث الأمانة ملوك بني هاشم عبر قرن من الزمان .
الأردن مواقفه غير خاضعة للمساومة وعصية على التشكيك من أي طرف كان في الداخل أو الخارج ، وعودة على بدء من الواجب الوطني على كل واحد منا كأردنيين أن يجرد إمكانياته للدفاع عن مواقفنا الوطنية لأن السكوت عن مواجهة حملات ومحاولات التشكيك يرتقي إلى مستوى الخيانة الوطنية!!