تحرص الإدارة الأمريكية على التعبير السياسي، المكرّر والزائف، والذي يتلخص (بأنها ترى إقامة الدولة الفلسطينية لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بأمْنٍ وسلام هو الحل الأنسب للصراع في الشرق الأوسط، أي بين إسرائيل والفلسطينين، ولا تضع هذا القول على أجندتها، ولا أقول أولوياتها فهذا أمْرّ بعد بعيد.
وهذا يجعل التفسير لهذه السياسة الأمريكية بأنها مجرّد قول معلّب لإستخدامه دبلوماسياً أو مراعاة للقرارات الدولية الشرعية، ذلك أن تصريحاتها لا علاقة لها بالواقع، أو بما يجري على الأرض.
وإذا ما عدنا إلى المفاوضات العبثية بين الطرفين منذ تسعينياّت القرن الماضي، فأننا نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تضع نهاية محتملة لها، ولم تضع تصوّرا لنتائج قابلة للتطبيق، فضلّت المفاوضات تراوح مكانها إلى أن توقفت تماماً، وأدّى ذلك إلى تصاعد تكثيف المستوطنات ونشرها فوق كل رابية في الضفة الغربية وفي محيط مدينة القدس الشريف، وتصاعد الإقتحامات للحرم القدسي الشريف، وتصعيد الإعتداءات على الفلسطينين وممتلكاتهم وبخاصة الزراعية والأشجار. وأشجار الزيتون حصرياً، أما الجانب العربي، فقد كان ردّه على ذلك كله بطرح المبادرة العربية، واعدة إسرائيل بقبولها في المنطقة باعتراف العالمين العربي والإسلامي، والتطبيع الكامل معها، فيما إذا إعترفت بإقامة الدولة الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام (1967) وعاصمتها القدس الشريف، ووضع ذلك موضع التنفيذ على أرض الواقع الأمر الذي لم تكترث به إسرائيل، اليمين وإليسار على حدٍ سواء.
ومع فشل تلك المفاوضات، وجدت إسرائيل فرصتها الملائمة لتكثيف الإستيطان والمستوطنين حتى زاد عددهم في الضفة الغربية ومحيط القدس زاد على (750) ألف مستوطن. وهكذا دخل مشروع حل الدولتيْن، مع قائمة (غير المحتمل) حسب تعبير معظم المحللّين السياسين.
*وتطور الموقف خطورة عندما أصبح العالم العربي في تصريحاته السياسية والدبلوماسية يتجنّب الحديث عن هذا الحل بإستثناء الدور الأردني السياسي والدبلوماسي الذي ظلّ الصوت الوحيد الذي يطالب بإعادة وإحياء- حل الدولتيْن ووجدت إسرائيل ذلك المناخ من غياب الدور الفاعل للمنظومة العربية، فاستخدمت جميع إمكاناتها في مسار التطبيع الثنائي.
*وإذا ما أريد إيجاد قوّة عربية جادّة لإحياء حل الدولتيْن على الأقل، فأن ذلك يفرض على المنظومة العربية إيجاد هذه القوة، ثِقلاً سياسيا وإقتصادياً ودبلوماسياً، تضم عدداً من الدول العربية القادرة على إتخاذ مواقف سيادي.
"الدستور"