منذ زمن طويل والكرك تتألق بفستان الجمال، برونقها الدافئ، وبريقها اللامع، تجمع في أحضانها قصص حب ووفاء أبنائها. إلا أن اليوم أصبحت الكرك تقسم إلى طبقتين: الطبقة المدعومة والطبقة التي تركوها وحيدة تعاني من بتر أطرافها، والتي أصبحت لا تجد من يقوم برعايتها.
القصبة اليوم أصبحت تفتقر لمن يسمع همومها، وأصبحت تبحث عن المعيل لرعايتها. الكرك اليوم لم تعد كما كانت عليه من قبل.
بعد فترة قصيرة من الزمن، تباينت الآراء حول المطالب التي تنتقصها، والجميع رأى المطالب التي ميزت بين أبناءها القرى والألوية، وتخلت عن أمها القصبة. لماذا الكرك أصبحت هكذا، وأصبحت مطالب البعض تختص فقط بالقواعد الانتخابية بعيدًا عن المناطق الأخرى..
الكرك تفتقر إلى أقل الخدمات، وهي الطرق. وفي إعلان لطرح عطاء صادر عن إحدى الوزارات المعنية لتعبيد واستصلاح العديد من الشوارع داخل المحافظة، كان الإعلان يحدد العديد من المناطق عن الأخرى، إلا أن الأولوية الحقيقية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. والعديد من الشوارع الرئيسية داخل القصبة بحاجة ماسة إلى الصيانة، إلا أن التهميش كان قادرًا على تغيير بوصلة الحقيقة.
"وأصبحت تعاني من تراجع الخدمات، وعيون الكاميرات لا تلتقط المعالم الحقيقية لحجم المعاناة، بل كانت تلتقط صورًا أخرى لم نرها من قبل، صورًا تجمل الحقائق لبضعة دقائق، وديكورًا يذهب بعد أن يغادر الوفد الزائر لتلك المحافظة. هل نخاف من قدوم أي مسؤول ولا نخاف من أجل مصلحة مدينتنا؟ مصلحة المحافظة يجب أن تبقى السياسية التي يجب أن تكون أولى الأولويات. وفي أول زيارة لرئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان لمحافظة الكرك، رأينا حالة التأهب للدوائر الحكومية من خلال تصحيح بعض الأخطاء الاحترازية تجنبًا لزيارات مفاجئة، وخوفًا على مقاعدهم ومصدر تنفيعاتهم.كم تمنيت أن تبقى التحضيرات الخاصة جزءًا من واقع حياتنا اليومية، وأن نرى الازدهار مصدرًا لفائدة محافظتنا، إلا أن كل ما كان قد عاد لما كان.
تجميل الصور ليس حلاً كافياً لإرضاء الضمائر، بل الضمائر تحيا بالعمل والاجتهاد والمثابرة الحقيقية للوطن. الوطن لنا جميعاً ولا أحد غريب عن مناطقه. العمل الذي يزيدنا فخراً بمن عمل لأجله ولأجل رفعته.
أصبحت الكرك تعاني من الحقد الدفين أيضاً من بعض أبنائها، ونرى بين الحين والآخر المناشدات التي تطلقها بلدية الكرك الكبرى لمحاربة عمليات التخريب لأعمالها. ونرى كمية الحزن الكبيرة لمهاجمة الإنجازات البسيطة التي تسعى لتحقيقها، إلا أن يد الخراب استطاعت أن تحقق غايتها لأسباب غير معروفة.
علينا جميعاً أن نعمل لأجل مدينة الكرك الأم ولأجل المساهمة في إعادة بوصلة الإزدهار لها، ودعم المساعي الحقيقية الهادفة لتطويرها، بعد أن باتت مدينة مهجورة تخلو من السكان والأسواق التجارية، وبعد أن كانت في السابق الحاضن الحقيقي لروح التراث العالمي بما تحمله من أماكن تراثية جميلة ذات معنى حقيقي للعالم بأكمله.
كم تمنيت أن نرى من يعمل لأجل الكرك بكل صدق بعيداً عن التفرقة، وأن نرى الإنجازات الحقيقية القادرة على رسم طريق جديد من النجاح. وإن العمل والتعاون بين جميع فئات المجتمع هو السبيل لتحقيق التقدم والازدهار، ويجب أن نتكاتف جميعاً لنساهم في إعادة الكرك إلى مكانتها المرموقة، حيث يمكن لكل فرد أن يلعب دوراً مهماً في هذا المسعى.
حفظ الله الوطن وأدام عليه نعمة الأمن والازدهار..