التحديث السياسي في الأردن .. الرؤى والتوقعات
مظفر عثمان ابداح
02-11-2024 06:40 PM
مما لا شك فيه أنَّ التطور الذي يشهده العالم في كافة الاتجاهات، يجعلنا نفكر بالتحديث والتطوير حتى نواكب الدول الأخرى المتقدمة، ومن أهم الاتجاهات التي يجب أن تكون على رأس أولوياتنا هو التحديث السياسي وتماشي القوانين مع تقدم العالم، ويتزامن هذا بالتأكيد مع الحفاظ على عقيدتنا ومبادئنا.
إنَّ السياسة هي الدافع والمُحرِّك لشؤون الدولة، والدولة التي لها اقتصاد قوي عليها أن يكون لها قوة سياسية جيدة، تُمكنها من إيجاد النخب التي تستطيع تحديد المشاكل، ومن ثم العمل على حلها، لذلك؛ عامل التحديث المستمر الذي يعتمد على التطوير هو الحل الأمثل لمواكبة العالم المتقدم والذي يدفع عجلة التقدم في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والذي يسهم بدوره بتثبيت ركائز الاستقرار والتقدم.
والأردن ليس بمعزل عن الحاجة إلى التحديث والتطوير في الحياة السياسية، لعدة أسباب؛ أهمها: التحديات التي تواجه المنطقة وتراجع الوضع الاقتصادي، الحياة الحزبية والتي تثمر حكومة حزبية أمر ملح لمواكبة العالم، إلا أن هناك تحديات تقف عقبة أمام تحقيق ذلك، وهي:
1- الخوف من الانخراط في العمل الحزبي الذي توقف منذ عام 1957م حتى عام 1989م، حيث واجهت الأردن على مر التاريخ الكثير من التحديات الخطرة.
2- تدني مستوى الثقافة الحزبية لدى الشعب الأردني وتحديدًا الشباب.
3- كثرة الأحزاب بشكل مفاجئ، وعدم تمثيل المجتمع بالشكل المطلوب، وضعف تسويق برنامج الحزب.
4- تدني مستوى الأحزاب، وضعف هيكلتها الداخلية، وضعف قانونها الداخلي وعدم وجود مصادر دعم مادي يرفد الحزب.
5- توجه الأحزاب إلى العقلية البيروقراطية حيث أن الأحزاب في الأردن تُطبق إرادة القيادات لا القاعدة الجماهيرية.
6- الخوف من الصلاحيات الواسعة للسلطة التنفيذية، وتقليص السلطة التشريعية والقضائية من خلال إمكانية حل البرلمان ووضع التشريعات؛ مثل: قانون الأحزاب والانتخاب.
7- توجه الرأي العام الأردني إلى الاعتبارات العشائرية اذ يعتبر الشعب الأردني من الشعوب العشائرية.
ولذلك وجّه جلالة الملك عبدالله الثاني إلى تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وقال فيها جلالته: "إننا نخطو اليوم أولى خطواتنا في مئوية الدولة الثانية، ونريد أن يكون أول ما يُسجله تاريخنا الوطني، أنها بدأت بجهد وطني مُخلص وحثيث نحو مزيد من التطوير والتقدم" جاءت تلك اللجنة لوضع القوانين المتعلقة بالحياة السياسية تحت رؤية جلالة الملك الحكيمة، وخرج عن تلك اللجنة تمكين الأحزاب من الوصول إلى حكومة منتخبة وتوسيع مشاركة الأحزاب للمجتمع الأردني، ومشاركة أكبر للمرأة الأردنية والشباب الأردني.
إن الجهود المبذولة للوصول للأهداف التي وضعت من اللجنة الملكية بقيادة رئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي، والتي جاءت لتحقيق رؤية القيادة جهود جبّارة، لكن إلى أي مدى يمكن تحقيق هذه الأهداف في ظل السرعة التي ارتأتها اللجنة حيث وضعت جدولًا زمنيًّا مدته 10 سنوات؛ للوصول إلى الحكومة المنتخبة وأراها -من غير تشاؤم- تحتاج إلى أربعة أضعاف هذه الفترة؛ لأن تغيير توجه الشعب يحتاج إلى فترة طويلة لتصبح حزبية لا عشائرية؛ فالثقافة تؤدي إلى قانون وليس القانون من يؤدي إلى الثقافة، كذلك لا يمكن نقل تجارب الدول الأخرى، مثل: التجربة الألمانية؛ لأن الظروف تختلف ونمط الحياة يختلف والأوضاع الإقليمية والاقتصادية تختلف، ولا نخفي قلقنا من مشاركة الشباب في العمل السياسي بهذه السرعة، قد يؤدي فشل التجربة السياسية من جديد، وهل الشباب الأردني قادر على ذلك؟!
لذلك ركزت على أن القانون لن يغير ثقافة بل الثقافة هي من تغير القانون، ولرفد الحياة السياسية بالشباب الناضج سياسيًّا نحتاج إلى وقت للتغيير، وأيضًا السماح للشباب بممارسة حقهم في التعبير عن رأيهم ضمن المؤسسات التعليمية، وعليه فمن المُفترض أن تفرز الجامعات وترفد المجتمع الأردني بقيادات سياسية شبابية.