البارحة كنت في أحد المطاعم ، انتظر طلبي ... جاءت سيدة .. وقامت بفتح الباب عبر وضع منديل ورقي على المقبض ( يعني ئرفانه) ثم دخلت..
وقالت لمالكة المطعم : طلبي جاهز ؟ ...
صاحبة المطعم حاولت ترطيب الجو لأنها دخلت بطريقة غريبة ، ولم تقم بالسلام ... وبادلتها بعض الأحاديت ثم سألتها عن ابنها الأكبر ... : سافر !
ردت السيدة : (الحمد لله اه سافر ... اللي بطلع من هالبلد الله بفتحها بوجهو ..) أنا صمت ... صاحبة المطعم ردت عليها : ( ان شالله يتوفق ) ... فكان رد السيدة : (ان شالله أصلا هاي البلد قطيعة رزق ... الحياة فيها زي جهنم )
في هكذا موقف ماذا عساني أن أفعل ...؟ لاشيء سوى الصمت ، أنا طبعا لا أجرؤ .. والله لو خاطبتها بكلمة واحدة .. لضجت الدنيا كلها علي واتهمت بإزعاجها ... لكني سأرد عليها هنا ..
سأقول لها هذا البلد من سكر ومن زهر اللوز .. هذا البلد الحياة فيه تشبه الجنة .. ولكن من احترف الكره والحقد سيبقى ينظر له على أنه جهنم ..
هذا البلد حتى الطفر فيه .. جميل ، البرد فيه حين يلسع وجهك يحرك كل العشق الساكن في قلبك... هذا البلد ترابه مثل الحناء .. حين تعطر بها كفوف العروس ومثل مرود الكحل حين يعانق .... جفن صبية في أول النضوج ..
هذا البلد كل ذرة تراب منه عبر عليها ألف ولي صالح ... وكل زيتونة نبتت على أرضه ... أضاءت بالبركة دروبه .. وسرى زيتها في عروق أهله طهرا ...
هذا البلد هو نهج الشهادة .. هو السيف .. هو من توضأ بطهره عمر الفاروق ومن اختاره ابو عبيدة مستقرا لجسده الطاهر ..
هذا البلد هو الأردن ... العزيز الغالي ...
هو الذي يلمنا ويمنحنا النجاة ، هو الذي يلوك الصخر ... ويطحن الفك ، هو الذي صعد إلى الدنيا وطنا من العشاق والزنود والبنادق ..هو الذي يرقد فيه جعفر الطيار هو الذي اختاره عبدالله بن رواحة .. صدى لصوت شهادته في مؤتة ... هو الذي قبل زيد بن حارثة ترابه ...
أنا خرجت من المكان وقهري يذبحني ...كنت أود أن اقول لها اشتميني أنا لكن الأردن لايشتم ..
كيف وصل بنا الحد ان نصف الأردن بجهنم .... أنا لا اعرف !