الرقم الوطني على الجسر .. وشفافية الوزير
محمود الدباس - ابو الليث
31-10-2024 04:08 PM
في ظل ما نشهده اليوم.. من تساؤلات وتخوفات تملأ نفوس المواطنين.. حول مستقبل الوطن واستقراره.. تأتي أهمية لقاءات تُبرز أمام الناس الحقائق.. وتجيبهم بوضوح ودون تزييف أو تجميل.. وتبث روح الثقة.. بأن هناك من يسمع لنبض الشارع.. ويتفهم حجم الضغوطات والمعاناة..
وعندما يكون اللقاء مع شخصية بحجم معالي وزير الداخلية مازن الفراية.. الذي يتربع على قمة وزارة تلامس حياة الناس اليومية.. فلا عجب أن يستقطب الاهتمام.. وما يزيد من وقع هذا اللقاء في نفوس من حضره.. هو اختيار الوزير لعقده في وقت خارج ساعات العمل الرسمية (3:30) مساء.. وكأنه يؤكد على التزامه بالمسؤولية في كل حين.. ليس انشغالاً ببروتوكولات أو مجاملات.. بل إيماناً بأن من يجلسون أمامه اليوم.. هم نخبة من الوطنيين.. وفد "ملتقى النخبة-elite".. الذين ينقلون أصوات الناس.. ويبحثون عن الحقيقة من مصدرها.. ولا يشربون إلا من رأس النبع.. فأن تكون اللقاءات بهذه الشفافية والوضوح.. هو بحد ذاته خطوة تُكرّس ثقة المواطن بمن يتقلدون أعلى المناصب في مؤسساتنا..
كانت الكلمات التي طرحها الوزير عميقة وصريحة.. لم يترك شأناً أو قضية تؤرق الناس.. إلا وتناولها بالتفصيل.. مبتدئا بشرح الأخطار التي تحيط بالوطن من الداخل والخارج.. وعمّا تعانيه البلاد من محاولات لضرب استقرارها.. من جرائم تحريضية إلى آفة المخدرات.. وصولاً للتحديات التي نعيشها يومياً.. وما زاد من عمق الحديث.. هو توضيح تأثيرات أي فعل.. أو حادثة تصدر من مواطنين بعفوية أو غير عفوية.. والتي قد تبدو بسيطة.. لكنها تنعكس بشكل أعمق وأبعد مما يتخيل الفاعل.. فأعداد الشاحنات التي كانت تعبر إلى الضفة الغربية وقطاع غزة مثلًا.. قبل العملية التي قام بها ماهر الجازي والذي نحسبه من الشهداء.. كانت تُقدر بحوالي 700 شاحنة يوميا.. منها حوالي 80 شاحنة لغزة.. إلا أنها بعد الحادثة تم منعها جميعا ولمدة 19 يوماً.. ومن ثم تم السماح لحوالي 30 شاحنة للضفة الغربية وغالبيتها محملة بالاسمنت والبلاط.. واقل من 20 لقطاع غزة.. الأمر الذي أضر بشكل مباشر بالعاملين في قطاع النقل.. واصحاب البضائع.. ولم يتوقف عندهم فحسب.. بل انعكس على المواطن الفلسطيني.. الذي وجد نفسه محاصراً بموجة غلاء صعب عليه تحملها.. وكذلك شبه انقطاعها عن اهلنا في غزة..
وفي توضيحه حول الأقاويل المثارة بشأن التنقل عبر جسر الملك حسين.. ما انعكاساته على ما يقال حول التوطبن والوطن البديل.. أشار الوزير الى ما قاله جلالة الملك بوضوح من على كل المنابر.. ان لا وطن بديل.. كاما اوضح معاليه بجلاء.. إلى الإحصائيات التي تشير إلى ازدياد حركة المغادرين إلى الضفة.. مقارنة بالقادمين منها.. وفي اليوم السابق.. وصل عدد القادمين إلى 2880 شخصاً.. بينما بلغ عدد المغادرين 4600 شخصاً في ذات اليوم.. وهذا المعدل هو الملاخظ منذ زمن.. مما يثير تساؤلات مشروعة حول دوافع هذه التحركات.. ويؤكد ضرورة الوعي بحقيقة ما يجري.. كما ناقش قضية تهجير من يحملون الرقم الوطني الاردني إلى الأردن.. موضحاً أن هؤلاء قانونياً هم أردنيون.. ولا تملك الدولة الأردنية الحق في منعهم من الدخول.. ما لم تكن هناك قرارات أمنية بحقهم تمنع ذلك.. وهنا يبرز توازنه وحرصه على إيضاح الصورة.. وتفنيد الشائعات دون مجاملة.. واضاف الى ان الدولة الأردنية تعامل هؤلاء المواطنين.. كأي مواطن يعيش في بلاد الاغتراب.. وله الحق بالسفر والعودة متى شاء..
هكذا قامة وطنية.. بجذورها العسكرية الصلبة.. التي تعي تماماً كيف تُدار الأزمات.. وتُتخذ القرارات.. تُعطينا الثقة بأن الأردن سيبقى شامخاً.. بقيادة أناس لا يتوانون عن فتح قلوبهم قبل أبوابهم للمواطن.. يتقبلون النقد البناء.. ويُجيبون بوضوح يُزيل الشكوك.. ويعيد الاطمئنان إلى النفوس.. فكم نحن بحاجة لمثل هذه اللقاءات التي تزيد من تلاحم الشعب والمسؤولين..
شكراً معالي أبا عبدالله.. الرجل الوطني والعملي والميداني.. ولا اقول الا كما نقول بالعامية.. كثّر الله المسؤولين من امثالك وشرواك..