هل التزمت المدارس الخاصة بقرار وقف الرحلات المدرسية؟
د. أحمد الحياري
31-10-2024 01:59 AM
كان الامر غريبا امس إذ رأيت حافلة مدرسة خاصة كتب على زجاجه الأمامي بالخط العريض: (رحلة مدرسية).
سألت: أليست وزارة التربية والتعليم أوقفت الرحلات والزيارات المدرسية بما في ذلك الرحلات التي صدر لها موافقات سابقًا اعتبارًا من الأربعاء وحتى مساء السبت 2 الشهر المقبل، بحسب تعميم صدر عن الوزارة. ماذا تفعل اذاً هذه الرحلة اليوم؟
قرار الوزارة مرتبط بتحذيرات الحالة الجوية ومخاوف من تكرار حادثة البحر الميت. الحادثة التي أقيل على اثرها وزيران، ثم ها هما يجلسان على طاولة مجلس الوزراء من جديد.
هذه "الرحلة المدرسية" الخارجة عن القانون فتحت لي قوسا من جدل مع مرافقي حين سألته: الا ترى غريبا ان تنظم هذه المدرسة رحلتها برغم منع وزارة التربية؟ فابتسم وقال: "انسى..هذه مدرسة كذا". المعنى انها ذات وزن ثقيل يصعب معه محاسبتها، وأن السوق صار يعاني من لوبيات في قطاع المدارس الخاصة هي من تضبط حركته.
تدريجيا تحولت المدارس في عين المواطن الى قيمة استهلاكية، حالها حال اي سلعة. ولانها كذلك صارت ادوات ضبطها تتعلق بشكل السلعة وليست بما تقدمه من قيمة علمية.
وتدريجيا صار تغول مدارس خاصة على "المستهلك" يشبه تغول تاجر جشع.
في مكان ما في عمان الغربية توشك ان تظن ان لكل بيت صُرفت له مدرسة خاصة. فأنت أينما وليت وجهك تجد على ناصية الشارع احدهم وقد نصب مدرسته الخاصة. أما الشروط فبحسب لغة السوق.
لقد أدركنا زمانا صارت فيه الكتب في السوق سلعة وليست علما، والحرف يَزِن نفسه بالدينار، حتى لحق العلمُ السوقَ مستجيبا له، طائعا لشروطه.
انت لست تزن بما تحمل من علم بصفته علم بما فيه، بل انت بما تحمل من علم يراه السوق وحده ثمينا، يسلّعه ويبيعه. بل إن وزن اي علم صار يقدّر بكم يجلب لك من الدنانير، فإن بخّس السوق علم ما جرّده من وزنه تماما.
أليس هذا يقع مع تخصصات كان علينا ان نزنها بالذهب: علم التاريخ او الجغرافيا. فأين هي اليوم؟
ولهذا تجد مدرسين في مدرسة واحدة ومن تخصص واحد، لكنهما في التصنيف ليسا سواء، الا بالقدر الذي يستطيع فيه احد المدرسين بيع علمه بثمن باهظ فيعلو على صاحبه شأنا وقيمة.
وما يدعو للرعب ان احدى تعبيرات هذه الحال انك بتّ تجد يوتيوبر ذو بضاعة تافهة يعلو قومه ثم يُخْسف بعالم في تخصصه.
هذا تماما ما ينطبق على المدارس الخاصة. فكم تنجح المدرسة في بيع نفسها بالادوات السوقية تعلو. والادوات السوقية ليست ذات اهداف علمية.
فيما الاردنيون حالهم حال المجتمعات المعاصرة يعانون من سطوة تلك الآفة. ويعانون ايضا من جبروت المال ليس على العلم فقط بل الاخطر على القرارات الادارية للوزارات المختصة.