تباينت اراء الخبراء والمحللين حول تفعيل خدمة العلم، بعد دعوة الجيش الأردنيين (الذكور) إلى الحصول على دفاتر خدمة العلم المؤجلة للذين تتراوح أعمارهم ما بين 18-40 سنة، او الحصول على شهادة الإعفاء من الخدمة لمن تزيد أعمارهم عن 40 سنة.
يوجد العديد من الآثار الإيجابية والفوائد التي تعود بها خدمة العلم على المجتمع والاقتصاد المحلي، حيث تعد من الأدوات الفعالة التي تعتمدها الدول لتعزيز القيم الوطنية، وتطوير المهارات الشبابية، والحد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. كما وتساهم خدمة العلم في تقليل البطالة وتوفير فرص العمل من خلال برامج تدريبية مهنية وتقنية، وبالأخص التدريب العملي لزيادة المهارات المكتسبة، تهدف إلى تحسين كفاءة الشباب وتأهيلهم لسوق العمل، بالإضافة الى تحفيز الشباب على التفكير في ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة، مما يعزز الابتكار ويوفر فرص عمل إضافية.
في ذات الشأن، تساهم خدمة العلم في تعزيز الانتماء الوطني والقيم المجتمعية، حيث ان تجربة الخدمة العسكرية، تعزز أهمية الدفاع عن الوطن والمساهمة في استقراره وأمنه، خصوصا في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية، مما يعزز روح الوطنية والمسؤولية تجاه الدولة، وكذلك الوحدة الاجتماعية وقيم المواطنة.
بالإضافة الى ذلك، تساهم خدمة العلم أيضا في صقل الشخصية وتعزيز الانضباط، حيث تغرس قيم الانضباط الشخصي والعمل الجماعي، مما يساعد في تطوير الشخصية القيادية للشباب وزيادة قدرتهم على التحمل والتكيف ومواجهة التحديات في حياتهم العملية.
وكما وتعتبر خدمة العلم منصة لتثقيف الشباب حول التحديات السياسية والاجتماعية التي يواجهها الأردن، بما في ذلك الأزمات الإقليمية والداخلية، والتحديات الاقتصادية، والتحديات الأمنية. كما وتساهم بشكل كبير في توعية الشباب بخطورة الشائعات وكيفية التعامل معها بوعي ومسؤولية لمكافحتها حيث تعزز مهارات التفكير النقدي لدى الشباب، بما في ذلك كيفية التحقق من المعلومات وتقييم مصادرها، والتمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة خصوصا المعلومات التي تصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بالرغم من الآثار الإيجابية لخدمة العلم، إلّا أنّه قد ينتج عنها بعض السلبيات كالتأثير على الحياة المهنية والتعليمية، حيث ان المعارضون يعتقدون أنها قد يؤثر سلبًا على الشباب الذين يخططون للانخراط في حياتهم المهنية أو التعليمية. كما ان بعضهم يرون أن السنة أو السنتين التي يقضونها في خدمة العلم قد تؤخرهم عن مواصلة تعليمهم أو الحصول على وظائف ثابتة.
وبالإضافة لما سبق، هناك مخاوف حول الإنفاق والموارد، أن البرنامج قد تشكل عبئًا ماليًا على الحكومة أو القوات المسلحة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الاردن. كما ان بعض المحللين والخبراء يعتبرون ان الاستثمار في قطاعات أخرى مثل التعليم أو الاقتصاد قد يكون أكثر فاعلية.
وفي الختام، إذا كان لا بد من تفعيل خدمة العلم فيجب تغيير النسخة القديمة والعمل على تصميم نسخة جديدة باستراتيجية وطنية متكاملة وواضحة تعمل على تنمية الانتماء والانضباط والمواطنة، الى جانب اكتساب المهارات التقنية والفنية. فبالإضافة الى التدريب العسكري الميداني، خصوصا في ظل المشاكل الجيوسياسية والأوضاع في الاقليم، لابد ان تشمل الاستراتيجية على التدريب المهني والتقني النوعي، الى جانب التدريب العملي، مما يساهم في الحصول على المهارات اللازمة لدخول السوق المحلي والخارجي. كما ولابد ان تشمل أيضا على برامج لتهيئة وتدريب الشباب لدخول الأسواق الأوروبية التي تعاني من نقص العمالة المدربة والمهرة المناسبة. وبالإضافة الى ذلك، لابد من العمل على تفعيل العمل التطوعي، والذي سيشكل أساساً لتحسين الكفاءة في إدارة الازمات وحالات الطوارئ، والتكيُّف مع التحديات. من خلال تبني هذه الخطط، يمكن للأردن تحسين وزيادة فرص العمل للشباب، وتعزيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز مفهوم المواطنة والانتماء والهوية الوطنية (وكم نحن بحاجة إليهم في هذه الايام!).