الاستعداد الشعبي للقادم
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
30-10-2024 01:29 PM
ذكرت في مقال سابق أنني أرى أن مشاريع الشرق الاوسط تجري على قدم وساق لتفرغ المحور الغربي لمواجهة الصين. كما ذكرت أن الاردن قد يكون مستهدفا ضمن الهامش المسموح به للمشروع الاسرائيلي القائم برأيي على الاستيلاء من جديد على شمال غزة، تحييد الوضع جنوب الليطاني ومن ثم التفرغ لترتيب الضفة باجراءات ناعمة وخشنة والهدف عملية تهجير الى الاردن.
أكتب هنا عن الاليات التي لا بد أن نتبه لها في الاردن على المستوى الشعبي و الرسمي لتحصين الجبهة الداخلية لان ما سبق برأيي سيستدعي احداث فوضى منضبطة لتنفيذه لا بد أن نتنبه لها ونحبطها.
إن قررت اسرائيل السير في ذلك واتوقع انه في حال نجح ترامب ستكون فرصتها مواتية فإنها ستسعى اعلاميا ومن خلال ادواتها الى احداث نوع من الاستقطاب الداخلي في الاردن سواءا عشائريا او مناطقيا او بين مكونات الشعب او ضد الجيش والقيادة باعتبار انهما الحلقة التي تربط الجميع وتحافظ على السيادة والهوية الوطنية.
1. اذا بدأنا نرى زخما اعلاميا ضد الجيش الاردني بأي شكل يجب ان نتنبه وان نتذكر و نتحدث معا بصوت عالي أن الجيش الاردني لم يكن يوما مسيسا وكان هو من يقدم التضحيات في حماية الحدود وهو من قاتل ببسالة في باب الواد و اللطرون و وقف مع الدول الشقيقة لحماية امنها. بل انني اقترح ان نعيد و بكثافة نشر صور الشهداء الاردنيين و صور الجنود الاردنيون وهم يستقبلون الاطفال والنساء من الدول الشقيقة الهاربين من أتون الحرب. هذه الصور والحديث على المستوى الشعبي ضرورة للحفاظ على الصورة الحقيقية للجيش الاردني البطل.
2. دروس التاريخ تعلمنا ايظا ان العدو قد يلجأ الى هز الثقة بين الشعب و قيادته تحت المبررات الاقتصادية او غيرها. اذا رأينا بوادر لذلك يجب ان نتذكر و أن نذكر الاخرين في جلساتنا اليومية بأننا بلد محدود الموارد وجزء كبير من ميزانيتنا يتأتى بحكم علاقات الاحترام التي بناها سيد البلاد مع الدول الصديقة و الحليفة ويجب ان نذكر و نعيد التذكير ان وجود الاردن مرتبط بالعائلة الهاشمية فهي الحلقة التي تربط كافة الهويات الفرعية ولها القبول و الاتفاق من الجميع وفي حال ضعفت هذه الحلقة لا سمح الله او سمح لمنسوب ثقتنا بها ان تتراجع فإن هذه الهويات متنافسة متصارعة وأي فوضى حتى لو محدودة سيدخل من خلالها دول وجماعات خارجية تسعى لإيجاد موطئ قدم في الاردن.
3. اعود وأؤكد ان مؤسسة العرش ممثلة بجلالة الملك وسمو ولي عهده هما الضامنين لتماسك الاردن ويجب التنبه لاي اشاعات او محاولات نزع ثقة قد يقدم عليها العدو بين الشعب و قيادته والاهم ان الظروف الاقتصادية تتغير للافضل او للاسوأ حسب الظروف العالمية، ولكن البلد اذا لا سمح الله اهتز تماسكها او انتشرت فيها الاحتقانات فلا تنفع حينها لو امتلك الفرد مال قارون.
4. اقترح على الأجهزة الامنية ان تخفف بعض الاجراءات خصوصا على جيل الشباب فمثلا اذا كان شاب يقود مركبته و غير مخالف فلا داعي لايقافه خصوصا طلاب الجامعات، بل حتى التغاضي عن بعض المخالفات البسيطة لجيل الشباب واقترح ذلك لتعزيز الثقة بين الشباب و المؤسسات.
5. التنبه من الجميع أن الاشاعات لا تحتاج لدليل ولذلك اي اشاعات يجب على مستخدم السوشيال ميديا عدم اعادة نشرها فهذه قد يكون لها تأثير خفي في هز الشعور الداخلي للمواطنين بالامن و الاستقرار.
6. كمواطنين يجب ان نميز بين الرسمي والشعبي بمعنى آخر انا كمواطن قد استطيع ان اقترح ما اريد وما أتمنى لكن الرسمي عليه محددات في القانون الدولي و ما نقدر عليه و ما لا نقدر بل على الجهات الرسمية السير على خط رفيع بين العاطفة الشعبية وما تفرضه الاتفاقات الدولية و علاقتنا مع الدول الاخرى. لا نحمل الرسمي عبئ عواطفنا و لنترك لهم هامش واسع لادارة الامور ما دام اننا مقتنعين أن هدفهم الحفاظ على الاردن.
7. لا يجب ان نسمح كمواطنين لمباريات رياضية او تصريح مستفز من فرد قد يكون مدفوع ان تبنى احتقانا ولا يجوز التعميم، بل نزن الامور بميزانها الحقيقي و ان نتذكر اهداف العدو لاحداث شروخات عاطفية ونفسية بيننا في وقت الازمات. جميعنا في مركب واحد نريد لهذا المركب ان يعدي الشهور القادمة لنصل لبر الامان بقيادته الهاشمية وحماية جيشه الباسل ولنرى ما يحدث حولنا ونأخذ العبر والدروس.
أنا أعرف أن شعبنا واعٍ لما سبق ولكنني احببت تذكير نفسي و غيري لقناعتي ان هذه مرحلة حرجة فيها مشاريع كبرى ومن يثبت بوجه الاعصار هو من يحصن جبهته الداخلية وهذه مسؤولية على الفرد والمجتمع كما هي مسؤولية المؤسسات الرسمية.
حفظ الله الاردن و قيادته و جيشه و شعبه..