قمة البريكس الأخيرة والمواقف المتزنة في الشرق الأوسط
خلدون ذيب النعيمي
30-10-2024 12:24 PM
تنبع أهمية مجموعة البريكس التي تأسست في حزيران 2009م بتأسيسها على يد القوى الاقتصادية والعسكرية والبشرية في القارات الأسيوية والأفريقية والأميركية اللاتينية ممثلة بدول روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا بالنظر لانضمام الدولة الاخيرة في العام التالي للتأسيس ، حيث دأبت هذه الدول وبالذات روسيا عن الحديث في أدبياتها عن المجموعة بوصفها "بقوة الجنوب" الشيء الذي اعتبره الكثير كقوة اتزان في مواجهة التكتل الاميركي الاوروبي الغربي وتاريخه الاستعماري واستنزاف خيرات شعوب العالم الثالث ، وفي بداية العام الحالي أنضم الى المجموعة كل السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وايران ومصر واثيوبيا وهو الشيء الذي اعتبر تعزيزاً لقوة المجموعة الاقتصادية مع انضمام قوى نفطية هامة اضافة لقوتين سياسيتين إفريقيتين .
مع انتهاء قمة البريكس الأخيرة بدولها الجديدة في قازان الروسية تأكد المجموعة انها ملتزمة بأن تكون نافذة جديدة للحق الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي من خلال تصريح الرئيس الروسي بوتين المسبق بأن جلسة كاملة ستكون مخصصة لفلسطين وحدها وهو الشيء الذي حفز توقعات ايجابية من القمة في هذا المجال ، وهو ما كان حيث كان التأكيد على حق الفلسطينيين في دولة مستقلة لهم وعضو في الامم المتحدة اضافة لأدانتها الهجمات الإسرائيلية على المواقع المدنية والإنسانية والبنية التحتية ودعوتها لوقف الأعمال القتالية في قطاع غزة ولبنان فورًا ، وأضافه لروسيا والصين ودورهم الواضح في دعم وقف العدوان الاسرائيلي في مجلس الامن الدولي كان موقف جنوب افريقيا المميز الدول الداعمة لمدنيي غزة في الحرب العدوانية التي يتعرضون لها من قبل إسرائيل وذلك بعد أن رفعت أمام محكمة العدل الدولية دعوى ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة .
وليس خفياً أن معظم الدول الاخرى في المجموعة هي من الدول المعروفة بتاريخها بدعم الحق الفلسطيني حتى في الوقت الذي شهدت فيه بعض دولها علاقاتها مع اسرائيل تطوراً ملحوظاً في الفترة التي سبقت السابع من تشرين الاول من العام الماضي كما هو الحال في الهند واثيوبيا ، ولكن رغم ذلك تجلى هذا الدعم في قمتها التي سبقت الاحداث الحالية في آب من العام الماضي خلال قمة جوهانسبرغ الجنوب الافريقية والتأكيد على حل الدولتين فضلاً دعوتهم بعد العدوان عبر قمتهم الافتراضية في تشرين الثاني الماضي لوقف العدوان وتنديدهم بالعقاب الجماعي للفلسطينيين .
دول البريكس وهي تمثل نافذة جديدة لوقف مظلومية الشعب الفلسطيني وارساء السلام في الشرق الاوسط في ظل التحيز التام للراعي الأميركي مع الة العدوان الاسرائيلية فضلاً عن التبني الغربي لسردية هذا العدوان ، يرى الكثيرين انها سيكون لها دورها المميز المتزن على الساحة الدولية خصوصاً مع الانشغال الغربي للحرب في اوكرانيا وانحصار النفوذ التقليدي للولايات المتحدة وحلفاءها في مناطق الصحراء الكبرى والساحل الافريقي والكاربيبي واميركا اللاتينية وجنوب شرق اسيا لصالح قوى الجنوب الصاعدة كما يطيب المجموعة ان تسمي نفسها ، وهي دعوة لمجموعتنا العربية لتعزيز موقف وحضور هذه المجموعة ودولها كأصدقاء للعرب وفق الأسس السياسية التي تعي تماماً أن العلاقات الدولية لا توزع عطاياها بالمجان بل تقوم على مبدأ المصالح المشتركة.
*خلدون ذيب النعيمي/ ماجستير دراسات استراتيجية واعلامية .