انتشر على مواقع السوشال ميديا بوست، يدعي ان كلمة نشمي ليست عربية وليس لها أصل ويردها الى (نشيم ونشمة) بمعنى نسمة بالعبرية وتعني الناس. في الواقع هذا مغالط، وبعيد عما تعنيه هذه الكلمة التي هي أصلا عربية وصفة تطلق على الرجل والمرأة، وليست كلمة لاسم مذكر نبحث عن جذرها، وهي صفة مشتقة من شجر النشم العربي الأصل والقوي الصلب.
والنشم، مفردها النشمة، هي شجرة جميلة معمرة، من أشهر أنواع الفصيلة التبعية التي ينتمي إليها الشوحط والنبع والشريان، تنبت بأصدار جبال السراة في بطون الأودية وعلى ضفافها، وربما نبتت في السفوح بعيدا عن الأودية، على ارتفاع (800- 1500م)، ترتفع النشمة نحو (3-7م) على جذع ثخين خشن متعرج، لونه أغبر يميل إلى السواد، يتفرع إلى أغصان مستقيمة كثيرة قدر قبضة اليد أو أكبر، لونها بني مغبر. وعودها خفيف، لكنه قوي صلب. والنّشمة، تنحدر إلى منابت غائرة في الارض. ازهارها طيبة الرائحة، يقع على ازهارها النحل كونها تفرز مادة عسلية يتغذى عليها.
وطالما اتخذ العرب من أغصانها القِسي والسهام، لشدة اغصانها ومتانتها وقوتها وصلابتها، ومن لحائها الأوتار. واتخذوها وقوداً لقوة نارها ودفئها، وكانوا يتخذون أعوادها لتحديد المسافات بين الحفر التي يبذرون فيها الدخن.
فالنشمي اذن هو السهم الصلب النافذ والنشمية هي القوس الحانية على السهم بحب وعطف وحنان وربما اطلقته بقوة فنفذ الى مقصده بقوة واستقامة وثبات.
ومن خلال ما تقدم عن وصف هذه الشجرة من جمالها وأصالتها اتخذ الأردن صفة للشاب الأسمر المعروق والقوي الصلب بهي الطلعة جميل المظهر كجمال شجرة النشم، وقوة وصلابة عودها، الذي اتخذه العرب قوسا وسهما، فوصفه بالنشمي نسبة لها، وكذلك النشمية للمرأة الحرة الاصيلة المنبت، الكريمة المحتد، الحَصان، ذات القوة والشرف والدين، كالقوس النشمية الحانية على ابنها بحب وحنان وتدفعه بقوة للمراجل والمروءات فيتطلق بقوة وثبات وعزم.
والأردني النشمي مرفوع الهامة عزة وكبرياء، وعالي الهمة كعلو وارتفاع شجرة النشم الى أعالي السماء، أصله ثابت وفرعه في السماء، راسخ وثابت القدم كرسوخ شجرة النشم المباركة الغائرة في الأرض وفرعها في السماء، سريع النخوة والنجدة كسرعة سهم النشم، والأردني ناري ردة الفعل متحمسا متوقدا للخير والجود والفضيلة كنار النشم شدة وتوهجاً.
وكذلك الأردني النشمي يقصده الناس لحاجاتهم ومطالبهم، ويلجأ اليه الفارون بدينهم وعرضهم وسلامتهم، فيؤمنهم ويحقق مطلبهم ويجيرهم حتى يبلغوا مأمنهم، وربما آواهم واقتسم معهم البيت والعيش والماء، كحال شجرة النشم التي يؤمها النحل ليمتص من عسل ازهارها رحيقا طيبا. وكذلك صيت الأردني وسمعته وافعاله طيبة ومنتشرة في العالم انتشار رائحة النشم الطيبة الزكية.
والعربي كعادته، عجم وفحص جميع الشجر والحيوان والنبات والجماد، من حوله، فكان يختار من هذه الفصائل الأفضل في وصف أبنائه وبناته، فوصف الرجل القوي بالأسد والذئب لصفاتهم القوية والغزالة للمرأة الجميلة، والوردة والقمر والنجمة وغصن البان، وعود الخيزران أيضا للمرأة الحسناء، ووصف الرجل الصلب بالصخر والجبل لاتزانه وثباته، فالعربي اتخذ أحسن وأجمل صفات التميز والتفرد من بيئته، واسقطها على الرجل والمرأة العربية.
فما أجمله من وصف وما أدقه من تعبير وما أعظم دلالاته، عندما تقول لأحدهم (إنك نشمي، وإنك نشمية)، فإنك تستغني عن كثير من المناقب والمكارم العربية الاصيلة والصفات النبيلة الماجدة من القوة والشرف والكرم والنخوة والنجدة والإباء في كلمة ووصف واحد هو (النشمي أو النشمية).
ونحن في الأردن نعتز بهذه الكلمة العربية المنشأ، الأردنية الدلالة والطباع والمعنى، ويكفي الأردنيين انهم نشامى، وهي التي ارتبطت فعلا بصفات وعادات الأردنيين من الرجال والنساء الاحرار والأغيار ذوي الهمة العالية والمروءات العربية الأصيلة.