مواجهة التغول ضرورة لحماية المجتمع
بهاء الدين المعايطة
29-10-2024 03:10 PM
بعد أن وصل الحال إلى هذه المرحلة، وما حملته الأيام من تحديات، أصبحنا أمام طريق مغلق جراء تفاقم أزمة الديون المستحقة على المواطنين للعديد من الشركات التمويلية، وما تسببت به هذه الأزمة رغم تهالك الرواتب.
اليوم، أصبحت الشركات التمويلية تتسابق لتقديم الفرص التمويلية بمبالغ مختلفة وإجراءات سهلة، يستطيع المواطن من خلالها الحصول على القرض ضمن إجراءات ميسرة جداً، رغم معرفتهم الحقيقية بالالتزامات السابقة للعميل وما يتبقى من الراتب الشهري الذي أصبح لا يكفي لسد الحاجات الأساسية للفرد الواحد.
أصبحت اليوم الشركات تبحث عن المقترضين كما يبحث الطير عن قوت يومه، ولا يعنيها ما يتبقى من الراتب أو ما هي قيمته بالأصل، إلا أن الحصول على العميل أصبح أكبر طموحاتهم.
بين الحين والآخر، نرى المناشدات للعديد من الأفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونلاحظ كمية المعاناة الحقيقية التي يواجهونها. الكثيرون أصبحوا يرون التسهيلات التي تغرر بهم، وبعد أن يحصلوا على التمويل، تبدأ مرحلة المعاناة، حيث يقع البعض ضحية للأقساط، ومنهم من لا يستطيع توفيرها.
بعد أن أصبح الكثيرون رهائن لقرارات خاطئة نتخذها جراء لحظة لا ندرك فيها معنى المخاطر للأيام القادمة، إلا أن هذه القرارات سرعان ما ستكشف لنا عن وجه المعاناة الحقيقي الذي سنبقى نستذكره طوال سنوات حياتنا.
من دور البنك المركزي أن يراقب التعليمات الحقيقية لوقف هذه المعاناة. أصبحت الشركات التمويلية تقدم القروض للمواطنين حتى لغير العاملين، مما يضع الكثير منهم أمام مأزق كبير. كما أن المحاكم لا تخلو من طمع المستثمرين في تلك المؤسسات، حيث كان المواطن ضحيتهم، غرروا به ووضعوه خلف الجدران.
يجب أن يكون للبنك المركزي مندوب في كل إدارة، حيث إنها هي من تعطي الموافقات اللازمة للتمويل. نرى اليوم الكثير من الناس يتبقى من راتبهم أقل من مئة دينار، ومع ذلك يحصلون على تمويل بقسط مئة دينار. إذا كان المواطن لا يعلم عن مصلحته أو مصلحة أبنائه، يجب على إدارة البنك المركزي أن تأخذ القرار بعين الصواب وأن تجد الحلول الكافية لوقف هذه المعاناة بين المواطنين.
وجدت شركة كريڤ أن تكون طريقًا ناجحًا لإعداد سياسة تمويلية صحيحة، مما يتيح للشركات السير في طريق خالٍ من العقبات. ومع ذلك، تشير قراءتها إلى أنه يجب اتخاذ القرارات بناءً على المنهج المتبع من قبل الموظف التابع لتلك الشركة، حيث يقوم بتقديم المعاملة أو رفضها، ومن النادر أن يتم رفض أي معاملة.
يجب أن تُطبق القوانين واللوائح الحقيقية لوقف التغول الحاصل، وأن يؤخذ الدخل بعين الاعتبار، من خلال آلية تضبط عملية تسهيل الإجراءات، وأن تكون بناءً على الدخل الحقيقي الذي يخرج من البنك المحول إليه الراتب، وليس من خلال كشف المالية لمكان العمل أو كشوفات الكفلاء.
الشروط الدقيقة تستطيع أن تحمي العائلة من تفاقم الديون، كما أن الموظف يستطيع أن يتخذ القرار الصحيح الرافض للمساهمة في تأزيم الواقع أكثر مما نحن عليه الآن. يجب أن نكون المستشارين الحقيقيين لكل فرد لا يعلم ما سيحمله له قادم الأيام، وأن نقدم له النصائح الانتمائية الحقيقية بعيدًا عن التغول وأهداف الربح الفاحش الذي أصبح يسيطر على دخول العائلات بأكملها.
ومن المؤسف أن بعض المحلات التجارية أصبحت تتبع نفس المبدأ، حيث تقدم لك البضائع مثل الأجهزة الكهربائية أو الهواتف الخلوية بشروط تتطلب وجود كفيل من السلك العسكري، مقابل توقيع كمبيالات بضعف الثمن الحقيقي لتلك السلعة. ليكون الشخص الحلقة الأضعف في حال تخلفه عن دفع الأقساط المستحقة. هذا هو الواقع، وأصبحت المحاكم الشاهد الوحيد على ما أتحدث عنه. يقدم لك السلعة بضعف الثمن، وفي حال أكملت نصف الأقساط وتخلفت عن قسط واحد، يمكنهم رفع شكوى بقيمة الكمبيالة كاملة رغم الدفع المسبق لبعض الأقساط. الا أن الاستغلال أصبح مصدراً ثميناً لبعض الطامعين والمرابين على حساب حقوق الغير.
يجب على الحكومة أن تضع قوانين صارمة لمواجهة آفة التغول الحاصلة، والتي يمكن أن تحمي دخل المواطن من كيد الطامعين وتعزز استقرار الاقتصاد الوطني. فالتغول يؤثر سلباً على حياة الناس، ويجب أن تكون هناك إجراءات فعالة للتصدي له لضمان حقوق المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية.