facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بين أكتوبر وأكتوبر .. عذابات وأمنيات


د. ايهاب عمرو
29-10-2024 01:27 PM

لعل ما حدث في شهر أكتوبر من العام الماضي شكّل علامة فارقة ليس فقط في تاريخ المنطقة، لا بل وفي تاريخ العالم الذي عانى، ولا يزال، من تبعات الفعل وردة الفعل منذ شهر أكتوبر الماضي.

ومن خلال إجراء مراجعة موضوعية، أو ما يطلق عليها بالعامية (جردة حساب) يمكننا القول إن ما حدث في أكتوبر الماضي شكّل مفاجأة للجميع، في حين أن الطرف الآخر ربما كان ينتظر مثل هذا الحدث حيث قام بتوظيفه لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى ليس أقلها إعادة احتلال قطاع غزة، وإعادته مئة عام إلى الوراء، والتأثير على الديمغرافيا والجغرافيا الفلسطينية في القطاع الحبيب، وتجهيل أبناء وبنات الشعب الفلسطيني مع ضياع عامين دراسيين من أعمارهم، وتنفيذ خطط كانت حبيسة الأدراج كعزل شمال قطاع غزة عن جنوبه، وفصل قطاع غزة عن مصر وربما عن العالم الخارجي، وتنفيذ خطط مدروسة في الضفة الغربية تمهيداً لضمها وربما تهجير سكانها إلى الأردن متى سنحت الفرصة، والاستفراد بالقدس الشرقية والمقدسيين القاطنين فيها من أجل إفراغها من سكانها ما يحقق أهدافهم بعيدة المرامي والغايات فيها، وتوسيع رقعة الصراع لتشمل لبنان الشقيق، ودول عربية وإقليمية أخرى، تمهيداً لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط من جديد، ناهيك عن تصديره لأزماته السياسية الداخلية إلى الخارج.

إن قيام الطرف الآخر بتجنيد الدعم الدولي العسكري والمالي والسياسي والإعلامي وحتى النفسي منذ شهر أكتوبر الماضي أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن ما حدث خدم، إن بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، الطرف الآخر في خطابه الرسمي، وإن كان قد خسر كثيراً على المستوى الشعبي، وأقصد على مستوى الرأي العام العالمي، ما دفع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى أسباب موضوعية أخرى، إلى أن يمتلك الجرأة والشجاعة المهنية ويقوم بإصدار لائحتي اتهام بحق من قام باتهامهم بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية من الطرف الآخر.

أما على المستوى الفلسطيني، فمن الواضح أن الجميع، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي، قد فوجئ بما حدث في شهر أكتوبر الماضي. وأدركت منذ بداية الحدث المذكور أن ردة فعل الطرف الآخر سوف تستمر ربما لعام على الأقل بسبب اقتران حدوثه قبل إجراء الانتخابات الأميركية بعام تقريباً ما يعني أن الإدارة الأميركية الحالية لن تكون قادرة على استخدام أياً من أدوات الضغط المتوفرة لديها لثني الطرف الآخر عن وقف اعتداءاته خشية من أن تفقد الدعم المالي والسياسي الداخلي، وعدم رغبتها كذلك في الاصطدام مع قوى الضغط المؤثرة في الداخل الأميركي قبل الانتخابات المقبلة التي أصبحت على الأبواب. إضافة إلى أنه وأثناء متابعتي لوسائل الإعلام الدولية، خاصة الأميركية، آنذاك لاحظت أن ما حدث تم تسويقه من قبل بعض وسائل الإعلام الدولية، وبعض الأطراف الرسمية الدولية الوازنة كذلك، على كونه أمراً يستلزم العقاب حتى لا يتكرر مستقبلاً.

ومع إيماني بحق الشعوب التي تعاني من نير الاحتلال، بما فيها الشعب الفلسطيني، في تقرير مصيرها بكافة الوسائل التي كفلتها المواثيق الدولية، والشرائع السماوية، والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، خاصة تلك الصادرة بشأن الحالة الفلسطينية عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه لا بد من أن يكون لدى صانع القرار السياسي قراءة دقيقة، وعقلانية، ورشيدة للوسائل المستخدمة حماية لمصالح ومقدرات عامة الشعب الفلسطيني من جهة، وللمشروع الوطني من جهة أخرى. ولا بد أن يكون لديه كذلك قراءة واقعية لحدود استخدام القوة من قِبَله من جانب، ولقوة وتأثير الطرف الآخر من جانب آخر، خاصة مع تمتع الطرف الآخر بدعم سياسي، ومالي، وعسكري، من القوى المؤثرة في العالم.

ولعل أكثر ما يدمي القلب تلك التحليلات السياسية السطحية التي يصدح بها بعضهم من خلال أبواق إعلامية مشبوهة النشأة والممارسة هدفها إيهام الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بعكس الحقائق المؤلمة على أرض الواقع وكأن المعركة بين جيشين متكافئين، وليس بين جيش يعد من أقوى جيوش المنطقة والعالم وبين شعب أعزل لا يملك سوى إيمانه بالله، وصبره، وجَلَده.

إن مفهوم الانتصار لدى البعض من أشباه المحللين السياسيين القاطنين في أرقى العواصم العربية وفي الغرف المكيفة يتحقق بالكلمات والشعارات دون النظر إلى ما يحدث على أرض الواقع من مآسي وويلات ومعاناة. ويتعين على أشباه المحللين السياسيين هؤلاء التزام الواقعية والدقة في تحليلاتهم، والاستماع إلى ما يقوله سكان قطاع غزة الحبيب عن معاناتهم اليومية منذ العام 2007 بشكل عام، ومنذ العام الفائت بالخصوص، والذين لا يجدون حتى دورة مياه صالحة لاستخدامهم وعائلاتهم، والذين أصبحت أجساد أطفالهم الطاهرة طعاماً للكلاب الضالة. ولا أعتقد أنهم قد سمعوا مباشرة ولو لمرة واحدة من أحد من سكان القطاع عن تلك المعاناة المستمرة والتشريد المرير دون تحقيق أية إنجازات سياسية مشروعة لشعبنا حتى الآن.

إن التحليلات السياسية للأوضاع الراهنة في المنطقة لا بد ان ترقى للمستوى المأمول، ولا بد أن تكون منطقية وعقلانية وبعيدة عن دغدغة عواطف البعض، ومحاباة البعض الآخر أو محاباة جهات معينة، دون النظر إلى ما يكابده الناس من سكان قطاع غزة الحبيب، ولبنان الشقيق، من ويلات تلك الحرب التي أكلت الأخضر واليابس.
خلاصة القول: سوف تحمل الأيام والشهور القادمة للأسف مزيداً من المعاناة والآلام لسكان القطاع الحبيب، ولعموم المنطقة، ولا أعتقد أن الحرب هذه سوف تضع أوزارها قبل نهاية العام الحالي، وربما تستمر لفترة أطول، ليس فقط بسبب انشغال الإدارة الأميركية الحالية، والإدارة المقبلة، بترتيب الوضع الداخلي، وإنما أيضاً لأسباب ذات علاقة بالوضع العربي والإقليمي الهش، ولأسباب ذات علاقة بالطرف الآخر يهدف من ورائها إلى تحقيق مراميه وأهدافه الاستراتيجية بعيدة المدى المذكورة في بداية مقالنا هذا، خاصة مع سيطرة قوى اليمين لديه على المشهد السياسي في الوقت الحالي، وربما حتى نهاية العقد الحالي على أقل تقدير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :