حبيب الزيودي .. يأتي تشرين وتتنامى ذكراه
خلدون ذيب النعيمي
29-10-2024 11:15 AM
لا زلت اذكر هذا اليوم البارد الذي كان فيه آذار يصب أمطاره الخيرة ونحن في مركز الملك عبدالله الثقافي في مدينة الزرقاء قبل ما يقارب العقدين وذلك مع بدايات المركز الذي أنشأ ليكون خلية الثقافة والتراث والفنون في هذه المدينة العزيزة التي كانت بمثابة أردن مصغر جمعت في قلبها الجندي والعامل والموظف من مختلف مناطق الوطن واطيافه ، وقتها دخل هذا الرجل ببدلته البسطة المهندمة وببشرته الحنطية مثل قمح الوطن وأريجه وسلم علينا بلهجته البدوية العفوية ، وعرف عليه مضيفنا بأنه الأديب والشاعر حبيب الزيودي ، وقتها حبيب أكبر ان يعرف ونحن الذين عرفناه بقصائده وأدبه من خلال عمله في البرامج الثقافية على اثير اذاعتنا الاردنية وشاشتنا الوطنية وفي وزارة الثقافة حيث كانت كلماته من بيئة وتراث الاردن تشغف القلب والوجدان قبل ان تلامس الاذن .
حبيب الذي عرفناه من خلال اعماله التي تبرز اهتمام وفكر الانسان الاردني بأصالته وكرمه من خلال بساطة حياته وعفويتها والذي اتصف به هذا الانسان من ميشع المؤابي مروراً بالحارث الرابع النبطي وصولاً لفراس العجلوني ووصفي التل وحابس المجالي وغيرهم الكثر من ابناء الأردن ، ففي ديوانه "الشيخ يحلم بالمطر" أصاب استاذنا الدكتور خالد الكركي في تقديمه لهذا الديوان بقوله إن تجربة حبيب تتشكل في صورة صوت متميز، نابع من وجدان الشعب .. نعم صحيح فحبيب عاش طولته وشبابه بالعالوك "منازل أهلي أحدى ديواين شعره " تلك البلدة الوادعة التي تمتد شمالاً لسهل حوران ووتكأ بوداعة على مرتفعات البلقاء وتلامس يسارها جبال عجلون وترمق في الشرق البادية وصولاً للحماد ، وتبقى العالوك كمثال لكل جميل في الاردن كما يراه حبيب فيشدو في ديوانه "ناي الراعي" ويسرد ذكرياته عن الاب والقمح والرعي وكل جميل بشكل تعيشه لحظة بلحظة ، وفي ديوانه الاخير "غيم على العالوك والذي صدر عام وفاته 2012م فكـأن حبيب عاد طفلاً يتغزل بذكرياته العالوكية ، فمن يعرف العالوك يعي تماماً هذه البلدة التي حباها الخالق عز وجل بطبيعة غناء وتتوسط شمال ووسط الوطن.
حبيب ونحن نحيي ذكرى وفاته وهو الذي رثى وصفي وحابس الذين غابوا بتشارين شاء القدر ان يكون رحيله في تشرين ايضاً ، ..يبدو ان تشرين بخريفه ورياحه الباردة أشعل الوجد في قلوبنا لنعاتبك ، فكما عاتبت بمحبة وحنين وصفي وحابس على غيابهم التشريني نقولها لك ايضاً ياقمح الوطن ودحنونه ونحن نفتقد حضورك وصوتك علامك غبت والدنيا تشارين ..
* خلدون ذيب النعيمي/ ماجستير دراسات استراتيجية واعلامية.