بائعو الأمل .. وهاربون عند أول اختبار
محمود الدباس - ابو الليث
28-10-2024 10:46 AM
كم يأسرنا حديث البعض.. حينما يفيضون علينا بحكمٍ وعبارات تغرس في النفوس أملاً وترسم صورةً مثالية للتصدي لصعوبات الحياة والمحن.. فتراهم عند كل نازلة.. وكأنهم أهل العلم الراسخين في الطمأنينة واليقين يتحدثون بثقة عن الفرج القريب.. وأن المصاعب ليست سوى فرصٍ للارتقاء.. "والضربة اللي ما بتموتك.. بتقويك"..
لكن ما إن تصطدم أحلامهم بواقعٍ لم يتمنوه.. حتى ينقلبون على أنفسهم ويبتعدون عن الناس فيغرقون في صمتهم.. ويتناسون كل تلك الكلمات التي وزعوها في لحظاتٍ كانوا هم أنفسهم في أمس الحاجة إليها..
أليس ما يُعاب على المرء أكثر ما يظهر في ساعة محنته؟!.. فالنصيحة تفرض على صاحبها التزاماً.. والواجب الحقيقي ليس فيما نقوله حين تعصف بنا الظروف.. بل فيما نفعله.. فكم من الكلمات الجوفاء غرست في النفوس آمالاً كاذبة.. ولمّا اشتد البلاء اختفى ذلك الناصح وغاب معه ما تظاهر به من قوة وتفاؤل.. ليبقى خلفه من تشبع بأقواله يبحث عن نوره في ظلام الحال..
وهنا.. يأتي التساؤل المؤلم.. كيف لمن أمطرنا بكلمات الأمل والمثابرة أن يتحول إلى متقوقعٍ في ظلال الصمت والتراجع؟!.. أليس الإنسان خُلق ليبني ويعمر حتى في أحلك الظروف؟!..
{يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون.. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.