يمارس رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان برنامجه السياسي, وفق معادلات رياضية دقيقة, ربما بحكم خلفيته الاقتصادية, التي تعتمد الحسابات وميزان المراجعة, فهو منفتح على النقابات المهنية، وفقاً لاختصاصها المهني, فالتقى النقابات الطبية, ثم نقابة المحامين.
وتكشف المصادر أنه بطور لقاء نقابات مهنية، معنية بالثقافة والفكر والفنون, أي ان الرسائل السياسية دقيقة, وقائمة على الانفتاح بالاختصاص, فالنقابات المهنية بيوت خبرة دون شك.
رسائل الرئيس واضحة, نحن معكم كبيوت خبرة, لكن السياسة، التي احتكرها ورعاها المجمع مشكوراً, طوال المرحلة السابقة, قد انتهت, فالحوار السياسي مع الاحزاب, والحوار المهني وشؤون وشجون المهنة مع النقابات المهنية, وبالضرورة مع النقابات العمالية, التي تشهد قيادة منفتحة وعالمة بهموم بيتها الداخلي, وهذه رسائل من المهم التقاطها والبناء عليها, لتأسيس شراكة حقيقية, بين الحكومة والمجمع المهني, الذي يعاني من ظلال تاريخية, فكان المجمع عنوانا للمناكفة, اكثر منه عنوانا للشراكة, ولم تنجح الحكومات السابقة, في تقليل وزر هذا الامر.
مجمع النقابات المهنية, عنوان مهم في السياسة والمهننة, لكنه بقي راغبا في احتكار السياسة على حساب المهنة في كثير من الاوقات, وتحديدا سياسة المعارضة, وهذا مفهوم ومتفهم, بحكم الارث الطويل, فلم يكن لاحزاب المعارضة الممنوعة, الا مجمع النقابات, وقام المجمع وقياداته النقابية بدور سياسي, لا ينكره الا جاحد, ولا اغالي, اذا قلت انه كان اشبه في علم الكهرباء, بالسلك الارضي او سلك «الايرث» الذي يفرغ الشحنات الزائدة من المجتمع, وقد منع المجمع تراكم الاحتقان المجتمعي, وفتح قاعاته وفضاءاته لنشاطات لازمة ومهمة, كي لا يتم البحث عن مواقع اخرى.
الحكومة بالقطع, محتاجة الى النقابات المهنية, فهي اصدق تعبير عن الطبقة الوسطى, بمستوياتها المتعددة, وما تبقى منها, وهذه الطبقة هي الضامن للسلم الاهلي, والضامن للاصلاح بكل تلاوينه واطيافه, شريطة ترسيم العلاقة بمستوياتها الصحيحة, وخروج الحكومة من احتكارها الحقيقة والمعرفة, وخروج النقابات من عليائها وبرجها, فمستوى المشاركة في انتخابات النقابات المهنية متدن جدا, وهذا ينسحب بالضرورة على مناعة التمثيل وقوته, وصلابة القيادات النقابية وتأثيرها, فليس معقولا ان يشارك اقل من 20% في الانتخابات بأحسن الاحوال, ولا معقول ان نسمع هتافات مناطقية وجهوية في انتخاباتها, ناهيك عن هتاف «خاوة» الذي يحتاج الى مجابهة ومراجعة من الجميع.
الكل الاردني, محتاج الى التوافق, ليس بحكم حساسية اللحظة وفجاءتها, بل بحكم ان الاردن دوما في عين العاصفة, ويحتاج الى تماسك جبهته الداخلية, والامساك بالنواجذ على وحدته الوطنية, وقد مارست الحكومات والنقابات على حد سواء, اخطاء وخطايا, وقد تسلل الى وعي النقابات انها سلطة موازية للسلطة, وقد جابهت الحكومة ذلك, بإدارة الظهر والانغلاق على النفس, ودون شك حملت بعض القيادات النقابية, برنامجا يعوزه الصواب على اقل تقدير, ان لم يكن برنامجا نقيضا للمصلحة الاردنية, وقد شهدنا لحظات حرجة في العلاقة تارة بين شعار المهننة وتارة حد الغاء الالزامية, وكلها لا تصب في مصلحة التماسك المجتمعي.
خطوة الحكومة ايجابية, وتفاعل النقابات معها ايجابي, وعلى الجميع مغادرة مربعه السابق, مع ضرورة تفهم واقع النقابات وحاجاتها المهنية والمطلبية, وضرورة تفهم النقابات الظروف الاقتصادية والسياسية المحيطة والداخلية.
الرأي