الوطنية للإصلاح .. اختبار للمعارضة وللحكومة أيضا
حسين الرواشدة
24-05-2011 03:49 AM
يبدو أن الشهور الأربعة الماضية كانت كافية لإنضاج فكرة "الدفع" باتجاه الإصلاح، فالمعارضة تعلمت من أخطائها ومن تجربة "الشارع" ودعاة الإصلاح الذي آثروا "مراقبة" المشهد فيما سبق قرروا "الدخول" الى الميدان، والفضل في ذلك كله "للحكومة" التي تباطأت في حراكها، وتركت "للشارع" ما يلزم من وقت لترتيب افكاره وصفوفه، وتجميع قواه لخوض "الجولة" الثانية في مباراة الإصلاح التي لم تحسم بعد.
من هذه الأرضية خرجت "الجبهة الوطنية للإصلاح" برئاسة احمد عبيدات ومشاركة قوى وأحزاب إسلامية ويسارية وشخصيات مستقلة، وهي –بالتالي- تعكس "توافقا" أردنيا واسعا على مشروع "تحول ديمقراطي" يرتكز على ثلاثة أهداف: قضاء مستقل، برلمان منتخب بنزاهة، وحكومة تلتزم بمبدأ تلازم السلطات وتكون مسؤولة امام البرلمان، وتحقيق هذه الاهداف ضمن اية وصفة "للإصلاح" كفيل بحل ثنائية "الاستبداد والفساد" هذه التي قالت وثيقة الجبهة إنها "اصل" المشكلة وعنوانها الصحيح.
هذه المرة الاولى –ربما- التي تتوافق فيها معظم القوى الشعبية الفاعلة على "العمل" في اطار منظم وموحد وتنطلق من برنامج محدد وواضح وبخطاب معتدل يعكس حقيقة "روح" التيار العام من الاردنيين الذين يتطلعون الى "اصلاح حقيقي" يحقق مصالحهم ويخدم دولتهم بلا ضجيج وبدون كلفة عالية وبعيدا عن لعبة "المكاسرة" التي تبدو غير مأمونة وغير مرحّب بها في اوساط الاردنيين كلهم.
لا تقتصر اهمية اشهار "الجبهة" على عناوين التوافق ووحدة الرؤية واتساع التأييد "النخبوي" لها ولا على ما يحظى بها "رئيسها" من احترام لدى الناس، لكنها تستمد اهميتها –ايضا- من "اللحظة" الراهنة التي يمر بها عالمنا العربي وبلدنا وما يجري فيها من ثورات واحتجاجات وانتصارات لإرادة الشعوب والاستجابة لمطالبهم ومن اوهام "رهانات" البعض على ان "فزعة" الاحتجاج الشعبي قاربت على نهايتها او على انهزامها مع بروز نماذج استعصى فيها التغيير هنا او تمت مواجهته ومحاصرته وتخويف الناس منه في أكثر من مكان.
قيمة "الجبهة" ايضاً تكمن باعتبارها امتحاناً عملياً لدعاة الاصلاح وقواه المختلفة وللحكومة ايضاً، فمن جهة دعاة الاصلاح تعد "فرصة" اخيرة لاختبار قدرتهم ورغبتهم بـ "الدفع" باتجاه اقناع الاردنيين وتحفيزهم واستثمار طاقاتهم لإنتاج مرحلة جديدة تؤسس لدولة ديمقراطية مدنية كما تعهدوا بوثيقتهم.
أما من جهة الحكومة فهي فرصة ايضا لاختبار "نواياها" ومواقفها تجاه الإصلاح، واذا كانت "نواياها" حقيقية فإن من واجبها ان "ترحب" بهذه المبادرة لأنها تصب بالتالي في خدمة "مشروع الإصلاح" هذا الذي تقع مسؤولية انجازه على الحكومة قبل أية جهة اخرى، أو أن تكتفي – على الأقل – بالتعامل معها "كشريك" من بعيد بدل ان تبدأ بعرقلة خطاها ومضايقة أنشطتها المختلفة.
يبقى ان نقول إن نجاح "مبادرة" الجبهة سيتوقف على اكثر من عامل منها: ايمان المشاركين فيها بأهدافها واصرارهم على الضغط باتجاه تحقيقها، ومنها التفاف الأردنيين – لا سيما الشباب – حولها ووسائل للتواصل مع "الرأي" العام وتوجيه بوصلته والخروج من دوائر "الصراع" الوهمي على جدوى الإصلاح وألوانه وحصص "الناس" فيه ومخاطره على بعضهم.
(الدستور)