الحديث عن العمل العام في أي دولة من الدول ينتابه الكثير من التحديات، فتقاطع الأعمال وتضارب المصالح بين الجهات الحكومية وغير الحكومية وتعدد الجهات المرجعية يؤدي عادةً إلى تراجع مستوى الأداء، كما أنه قد يؤثر على المدى الطويل في تحقيق التنمية المطلوبة؛ من هنا كان الإصلاح الإداري في القطاع العام مطلباً أساسياً لتحقيق التوازن الوظيفي بالدولة، وتطوير الخدمات العامة بما يضمن استمرارية العمل، وتحقيق الأهداف الوطنية للدولة.

إن التوقعات الإيجابية التي يمكن أن تتحقق لتحديث وتطوير القطاع العام تأتي من خلال إعادة هيكلة بعض المؤسسات الحكومية وتنظيمها، تطوير البنية التنظيمية والتقنيات الرقمية والتقنية المتقدمة للارتقاء بمستوى الخدمات الحكومية، تحسين نوعية الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات الإدارية والمالية وغيرها، إدارة وتنمية الموارد البشرية بشكل متواصل، إدارة البرامج الوطنية للمؤهلات والتدريب من خلال تطوير منظومة العمل المؤسسي وعبر شراكات استراتيجية مع جهات محلية وإقليمية وعالمية ذات خبرات عالية المستوى في مجالات مختلفة. هذه البرامج وغيرها هي التي تؤدي إلى تطور الخدمات المقدمة للمواطنين، وتؤكد أهمية العمل المبني على أساس الكفاءة والشفافية من أجل تحقيق الأهداف المنشودة.


إن إعداد السياسات العامة المتعلقة بتطوير القطاع العام، وتحسين أدائه والعمل على رفع مستوى الخدمات المقدمة وتبسيط الإجراءات أصبح اليوم ضرورة وطنية قصوى لا يمكن تأجيلها، كما أن وضع أسس الاستخدام الأمثل للموارد البشرية في القطاع العام، ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها يمكن الدولة من تسخير طاقاتها بالشكل الأفضل لتحقيق الأهداف الوطنية.

ما بين إدارة حكومية قادرة وإرادة تنفيذية واعدة، يمكن للحكومة أن تتابع تطبيق وصف الوظائف وتصنيفها على أساس من الكفاءة والشفافية، المساهمة في إعداد سياسات واستراتيجيات التدريب وبناء القدرات في القطاع العام، تقديم الدعم والمشورة لبناء قدرات مؤسسات القطاع العام في مجال إدارة الموارد البشرية، وإعادة هيكلة الخدمات الحكومية وتحسينها، توفير برامج تدريبية متخصصة ومتنوعة من خلال معهد الإدارة العامة وإعادة النظر في طرق إدارة التدريب والتطوير المستمر بشكل يضمن جودة المخرجات، لتحقيق رافعة شاملة في العمل الحكومي، ليلمس الجميع مزيداً من التقدم والتطور في نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين والمستثمرين وغيرهم من الجهات التي تبحث دائماً عن حلول مبتكرة للتحديات وإيجاد فرصٍ للكفاءات والخبرات.