يطيب لي دائما أن أتحدث مع المعلم وأن أتصوّر نفسي في الغرفة الصفية مستخدماً مختلف الأدوات التقنية في التعليم؛ ذلك أن مستوى عملية التعلّم والتعليم يرتفع بتنوّع أدوات التعليم التقنية فهي تحفز أنماط تفكير المعلمين والمتعلمين للتفاعل مع المعلومات أو التعامل معها بقدرات إيجابية واستكشافية: فالمعلم بأخذ دور الموجّه والمرشد في العملية التعليمية- التعلّمية والمتعلم بأخذ دور المكتشف في هذه الرحلة المعرفية.
ولتمكين المتعلمين من المشاركة في المواقف التعليمية- التعلمية في مناقشات موضوعية فعّالة فيحرص المعلم على توجيه بوْصلة العملية التربوية نحو أسلوب الحوار في التعليم ما بين المتعلمين أنفسهم وبين المعلم الذي يحرص أيضا على منع إنحراف الحوار نحو الجدل العاطفي فيسهم ذلك في تعزيز أنماط التفكير لديهم ويؤدي ذلك إلى تعزيز السلوك الإجتماعي الإيجابي في الواقف الحياتية من جهة كما يؤدي إلى إيجاد مناخ مجتمعي يتسّم بمنهجية الحوار والموضوعية يرفض أسلوب العنف المجتمعي والعاطفي.
وتبلغ أهمية الحوار أو المشاركة في العملية التعليمية- التعلّمية في دوره في تعزيز مهارات المتعلمين للتعامل مع المعطيات أو المعلومات أو النصوص تحليلاً واستنتاجاً، قد يؤدي إلى نقد المعلومات الواردة في الكتاب المدرسي وتحويلها إلى نقاط للحوار والمناقشة، فيرتفع مستوى التواصل بين المتعلمين والمعلم، وبين المتعلمين أنفسهم، ويسهم ذلك الحوار في إنعاش قدرات المتعلمين ومهاراته الفكرية والإجتماعية، ويضفي على عملية التعلّم والتعليم حيوية وجدّية.
وثمة فائدة كبيرة من أسلوب الحوار في التعليم، وهي تمكين المتعلين من المهارات اللغوية الأربع: القراءة والكتابة والإستماع والمحادثة، سواءً أكانت اللغة الأم- العربية أم أي لغة أجنبية يتم الحوار بوساطتها- فأسلوب الحوار يعزز مهارات التحدث في اللغة الفصيحة، ولا أقول الفصحى، واستخدام المحسّنات اللغوية، بلاغة وتهذيباً.
فالتفاعل أو التواصل اللغوي من خلال الحوار في العملية التربوية يغرس الروح الايجابية لدى المتعلمين وبخاصة في أنماط السلوك اللفظي من جهة، وإغناء المخزون اللغوي، مفردات وتعبيرات، لديهم من جهة أخرى، إضافة إلى تمكينهم من اكتشاف مهاراتهم اللغوية وتطويرها.
وأخيراً، فإن أسلوب الحوار في التعليم يتطلّب أن يُعنى المعلم بالمنهاج قبل إهتمامه بالكتاب المدرسي، فذلك هو المحفّز للإبداع وترجمة المنهاج إلى مصادر معرفية أغنى وأوسع.
"الدستور"