مما لا شك فيه أن الطلاب في قطاع غزة يعانون أوضاعاً صعبة ومزرية لا يمكن تحملها، إضافة إلى ضياع عام دراسي كامل، فالاحتلال لم يبق شيء فقد قصف وخرب ودمر كل البنى التحتية، وعلى رأسها المؤسسات التي تقدم خدماتها للمواطنين، كالمدارس والمشافي والمحال التجارية والجامعات والمعاهد التعليمية والمراكز الثقافية والتربوية، عدا تعرض العديد من الطلاب إلى الاستهداف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، فسقط منهم الشهداء والجرحى ومصابين بإعاقة شديدة تحتاج إلى علاج مكثف، و اعتقل آخرين ولم يعرف مصيرهم، أضف إلى ذلك الإصابات النفسية العنيفة جراء مصاعب الحرب وكوارثها، كالقلق المزمن والرهاب، خاصة لدى الطلاب من هم في مرحلة الروضة والمرحلة الابتدائية والإعدادية، وفي نفس السياق لا يمكن تجاهل أولئك الذين فقدوا بعضاً من أفراد أسرهم أو جميعهم، يفتقرون إلى الدعم النفسي المتمثل بالمؤازرة والاحتواء، ومساعدتهم على الإندماج في المجتمع من جديد، فقد تعرضوا لصدمة قاسية نتيجة للفقد والحرمان العاطفي والمعنوي.

وعلى المقلب الآخر، وضع الحلول المناسبة لمحاولة احتواء أولئك الطلاب ودمجهم في مبادرات تهدف إلى تحفيزهم على إكمال تعليمهم لا يمكن الاستغناء عنها، ومتابعتهم وكأنهم في فصل دراسي حقيقي، فهم يكابدون الإهمال من قبل المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بالتعليم، ومن سياسة التجهيل التي تنتهجها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ليسهل السيطرة عليهم، وأدلجة عقولهم عبر أهدافها التوسعية والإحلالية و الاستعمارية، وهنا يبرز أهمية محاربة تغييب الوعي بنشر الوعي بين الطلاب وأسرهم، بضرورة العودة إلى مقاعد الدراسة الافتراضية كتحد صريح لسياسة دولة الاحتلال في سعيها لتفشي الأمية في المجتمع الفلسطيني، وتعويض عام كامل ونيف من الانقطاع عن الدراسة، وتذليل الصعوبات التي تقف حجرة عثرة في طريق عودة الطلاب إلى دراستهم، وأهمها كيفية الوصول إلى الطالب المستهدف، وعدم تحميله أي مبلغ مادي مهما كان بسيطاً، من أجل انخراطه في الدراسة من جديد.

هذا وقد انبرت مؤسسات أردنية بتقديم مبادرة، عبر تدشين منصة تعليمية مجانية، وذلك بهدف إيصال المحتوى التعليمي المجاني لطلاب غزة إلكترونياً بمجهود مشكور، نتمنى أن تنضم باقي الدول العربية لتلك المبادرة لتكثيف الجهود، والأخذ بالعملية التعليمية بجميع عناصرها إلى المستوى الذي يتمكن فيها الطالب من مواصلة دراسته، وقطع الطريق على مخطط الاحتلال الإسرائيلي لتدمير التعليم ومؤسساته، فالدمار الحاصل في كافة مرافق التعليم لم يعد خافياً على أحد، فالمدارس أصبحت ملاجئ تؤوي النازحين الهاربين من جحيم القصف والقتل والأحزمة النارية، فالاحتلال دمر أكثر من١٥٠ مدرسة تؤوي نازحين لمنع أي معلم للحياة في القطاع، وفقد الأمل أن تكون قطاع غزة مكاناً صالحاً للعيش.