لا نهاية للحرب .. لا نهاية للصراع
جميل النمري
26-10-2024 04:30 PM
لا احد تخيل ان تستمر الحرب لمدة عام. لكنها استمرت. استمر القتل والتدمير والتشريد بنفس الايقاع المرعب اسبوعا بعد اسبوع وشهرا بعد شهر وبالمقابل استمر التصدي البطولي والمقاومة المبهرة وبنفس الايقاع لا تخبو ولا تنطفىء.
لا يوجد نصر ينهي الحرب. وعد النصر التام الذي اعلنه نتنياهو هدفا لم يكن له أي تجسيد عياني سوى اسلوب العقلية النازية العنصرية الرعناء العمياء في الردّ على تحدي السابع من اكتوبر. حتى قتل نصرالله والاختراقات الأمنية الاستخبارية التي صعقت ايران وحزب الله لم تكف لإنهاء الحرب على الجبهة اللبنانية، ولا اعلان حزب الله قبول وقف النار متراجعا عن "وحدة الساحات" كان كافيا بل فتح شهية نتنياهو على توسيع أهداف الحرب والذهاب لخطة اجتياح الجنوب فكشفت المقاومة عن قدرات ميدانية ما زالت فاعلة الى جانب استمرار رشقات الصواريخ والمسيرات التي وصلت بيت نتنياهو. فخف وهج الانتصارات وعاد حزب الله للتماسك وايران لدعم تشدده وتم رفع شعار لا مفاوضات تحت النار ففاتت اللحظة على الجهود الدبلوماسية لصفقة شاملة مقبولة.
لا نصر في غزة ولا افق لإتفاق. حتى مقتل قائد المقاومة السنوار لم يصنع المشهد الأخير المنشود. فرمز المقاومة وقائدها ورئيس المكتب السياسي لحماس لم يكن الا واحدا من ثلاثة مقاتلين اشتبكت معهم بالصدفة دورية للاحتلال واظهرت الدرون التي تم ارسالها لاستكشاف المبنى بعد الاشتباك أن احدهم ما زال حيا جريحا يده اليمنى مقطوعة واستخدم يده اليسرى لقذف الزنانة (كما يسمونها اهل غزة) بقطعة من الركام ومن الواضح انه لم يعد قادرا على الحركة أو استخدام رشاشه ولعله كان يجلس بهدوء لمواجهة جند الاحتلال بقنبلة يدوية يفجرها بنفسه وبهم لكن الجنود اقل شجاعة من اقتحام المكان على جريح فتم الرد بقذيفة دبابة واظهرت الصور اللاحقة ان الشهيد المسجى بكل جلاله وسط الركام لم يكن غير يحيى السنوار. أي صدفة قادت الى هذا الموقف الاسطوري! الفشل في الوصول للسنوار أو الرهائن كان معجزة استمرت عاما كاملا والسر ان السنوار لم يكن متحصنا في نفق وحوله درع بشري من اسرى العدو بل كان مقاتلا متجولا بين مقاتلين. وواقعة استشهاده لم تصنع اي نصر للمحتلين بل خيبة كاملة.
جوهر الموقف اليوم ان القيادة الاسرائيلية تتنقل في الميدان بآلة حربها وإجرامها بلا نهاية تصل اليها. واي وقف لإطلاق النار اليوم يعني فشلا يواجه نتنياهو وزمرته نتائجه في اليوم التالي. الوسيط الأمريكي يريد للمفاوضات ان تحقق ما لم تحققه الحرب أي تحييد حماس عسكريا وسياسيا وتوفير ادارة بديلة لغزّة تحت اشراف عسكري وأمني اسرائيلي يديم تقطيع غزة الى اشلاء على غرار الضفة وربما يكون هذا فقط بعد استكمال السيطرة والتدمير والتهجير في شمال غزة حيث يريد عتاة المتطرفين اعادة الاستيطان. وللعرب والعالم فقط الانشغال بتبعات الكارثة الجديدة.
ستدور المحاولات الدبلوماسية في حلقة مفرغة تغطي فقط على استمرار الاجرام النازي غير المسبوق والذي يورث الفلسطينيين نكبة أضخم من نكبة الـ 48 وهي نكبة غير قابلة للحل بذاتها فما باللك بالذهاب لحلّ سياسي لكل القضية الفلسطينية.
الموقف في غاية القتامة ولا افق للحل. وليس بيد الفلسطينيين غير ان يستمر الكف في مواجهة المخرز. التبعات على المنطقة سوداوية الا اذا ادرك وتدارك العرب انفسهم وذهبوا بعزم الى كسر هذا السيناريو القاتم باستخدام كل ادوات الضغط الممكنة بأيديهم وأقلها مقاطعة شاملة لدولة الاجرام ومواجهتها بالعقوبات ودعم المقاومة علنيا وبلا تردد في الميدان طالما استمر العدوان.