الدولة العميقة بحاجة إلى عمق أكثر
شحاده أبو بقر
26-10-2024 03:40 PM
لا نناكف ولا نتغير بتغير الظروف والمكاسب أبدا، ويبقى الأردن القوي في مواجهة العواصف والمطامح غير المشروعة هو بوصلتنا التي من أجلها نعمل ونتحمل، وبالذات في هذا الزمن المشحون بالمصاعب والمصائب ومن كل لون.
لكن عيشنا وصبرنا هذا في محراب المملكة الأردنية الهاشمية التي تربينا ومنذ عهود الآباء والأجداد على عشقها والإخلاص لها والدفاع عنها وعن وجودها وأمنها وإستقرارها، لا يحول ويجب أن لا يحول دون التأشير على ما نرى حاجة وطنية ملحة لتقويمه في إطار منهجية الإصلاح وتقوية عود المملكة التي تشق طريقها بصعوبة وسط بحر إقليمي ودولي هائج متلاطم الموج.
وعليه.. فإننا نرى أن الدولة العميقة التي تخطط سياسيا وعلى الصعيدين المحلي والخارجي بحاجة إلى عمق أكثر في التفكير وإجتراح الخطط الوطنية التي من شأنها تقوية الجبهة الوطنية باعتبارها قطب الرحى والسلاح الأمضى في صناعة رأي عام موحد ملتف حول الأردن فطريا وجاهز فعليا للدفاع عنه وعن قناعة تامة وروح إنتمائية صادقة ليست رهنا بالمكاسب والمناصب.
الدولة العميقة التي لا نراها لكننا متيقنون بوجودها، بحاجة لأن تفكر بطريقة مختلفة في إتجاهين.
الأول قراءة تاريخ الدولة وما مرت به من محطات مفصلية والاستفادة من مجريات تلك المحطات وما شهدته من مواقف على مدى أزيد من مائة عام من عمر الدولة حتى اليوم.
والثاني في ضوء ما سبق، الاقتناع بأن السبيل الوحيد إلى جمع صف الأردنيين حول الوطن لا يمكن أن يتحقق إلا بإشراكهم فعليا في صناعة القرار ومعرفة خطط الدولة العميقة لمستقبل بلدهم وما ينتظرهم من تطورات سياسية إقتصادية واجتماعية، فالغموض هو المحرك الفعلي للتيه وتشتت آراء الناس وجعلهم رهائن للإشاعات والتحليلات والنكهات، وبالتالي إنفراط عقد إلتحامهم بوطنهم في عالم ذي فضاء إعلامي مفتوح وموجه ومغرض في كل الإتجاهات.
الدولة العميقة بحاجة لإدراك أن كل أردني مهم رجلا كان أو إمرأة، وأن الرجال المؤثرين في مجتمعاتهم صاروا قلة بسبب السياسات المتراكمة، لكنهم موجودون وللأسف معطلون برغم الحاجة الماسة لهم في كل زمان ومكان.
الحوار البناء غير المرتب سلفا، وسيلة مثلى مهمة ليعبر الناس عما يجول في خواطرهم، وإطلاع الناس على ما يخطط وعلى ما سيجري والتشاور معهم حوله أمر غاية في الأهمية لصناعة رأي عام متوافق مع الدولة وقراراتها وسياساتها والقناعة بها والدفاع عنها، وسوى ذلك هو قفز في هواء.
حارتنا ضيقة وكلنا نعرف بعضنا بعضا، ومن المؤلم أن هذه الميزة لا توظف لإقناع الناس بسياسات الدولة متى كانت هذه السياسات بوصلتها المصالح الوطنية العامة للشعب والعليا للوطن الذي يحرص كل مواطن على وجوده قويا تحت عنوان المملكة الأردنية الهاشمية ذاته دون أدنى مساس من أي لون كان بالثوابت الوطنية التاريخية.
الدولة العميقة مطالبة بأن تظهر للعلن وأن لا تقتصر تشكيلتها على رسميين وحسب، بل لا بد وأن يسهم فيها رجال دولة وازنون لديهم الفكرة والحكمة والرأي الحصيف والموقف الشريف والسلوك النظيف. وهؤلاء ليسوا ندرة لمن يبحث عنهم.
الله من أمام قصدي.