شو صاير في البلد .. ولوين رايحة؟!
محمود الدباس - ابو الليث
26-10-2024 02:43 PM
سؤالٌ يتكرر كل يومٍ.. نقرأه على ألسنة العامة.. وعلى صفحات وسائل التواصل الاجتماعي.. وقد أصبح، مع توالي الأيام، مجرد تساؤل معتاد.. بلا رهبة ولا رهفٍ في النفس.. كأنه كلمةٌ عابرة تذروها رياح الوقت.
ربما تكمن مصيبتنا في حبنا للتنظير.. فكلٌ منا يتقمص دور الخبير السياسي.. الاقتصادي.. الاجتماعي.. وكأننا نملك عقولَ الحكماء.. فنتكلم وننشر ونحكم على الأحداث دونما بُعد علمي أو عمق فكري.. وغالباً ما يكون هدفنا كسب القلوب والإعجابات.. وليس إثراء العقول.. وهنا يكمن الخلل.. إذ بات من الصعب التمييز بين العميق والسطحي.. وبين من يبني رأيه على معرفة حقيقية.. ومن يسعى إلى إثارة زوبعة من اللاشيء.
أصبحت الأخبار تتفجر في فضاءٍ يعج بالغث والسمين.. فلا أحد اليوم يحتاج لبرهانٍ أو توثيقٍ ليطلق ما يشاء من ادعاءات.. وكأن كل شيءٍ بات مهيأ ليختلط الحق بالباطل.. فالأضداد تتساوى.. والتباينات تختفي.. وذاك الخبر الذي كان يدوّنه الحكماء.. بات اليوم طعاماً جاهزاً للجميع.. حتى ضاع الصدق في زحمة هذا المهرجان.
أما سؤالنا المتكرر.. شو صاير في البلد؟!.. البلد.. كأي بلدٍ آخر.. فيها الصالح والطالح.. فيها من يحبونها حباً خالصاً.. ومن يركبون أمواج المصالح.. لكنها ليست على حافة الهاوية.. فهي تبقى شامخةً بوعي أبنائها الشرفاء.. الذين يحمونها من الجهالة والطغيان.. وهذا واقع الدنيا منذ الأزل.. فلم تكن البلاد يوماً بلا صراع.. أو خالية من أيدٍ تسرق خبز الناس.. لكنها أيضاً لم تخلُ من الشرفاء الذين يرون في ترابها قيمةً.. تتجاوز المصالح الضيقة.
وأما.. لوين رايحة البلد؟!.. فالبلد يرزح تحت وطأة الديون والضغوط.. وسط أزمات تجتاح العالم بأسره.. والكل يسعى وراء مصلحته.. أما نحن.. فبأيدينا وسواعدنا يمكننا أن نخلق من العسر يسراً.. ونعبر أمواج التحديات.. وما يلزمنا هو الشجاعة في مواجهة الظلم والفساد دونما تردد.. فقط حين نرى من أوجعتهم البلاد يقفون صفاً واحداً لحمايتها.. وبهذا الإيمان وحده ستستمر الأردن شامخة بأبنائها الشرفاء.