إلى فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان المحترم
يحيى الحموري
25-10-2024 05:36 PM
بدايةً أهنئكم وأُبارك لكم على تجديد الثقة الملكية بتعيينكم رئيساً لمجلس الأعيان، وهي مسؤولية أنتم أهلٌ لها، بما تحمله من حكمةٍ ووفاءٍ للوطن. نسأل الله لكم السداد والتوفيق، وأن يكون عهدكم مليئاً بالعطاء والبصيرة لما فيه خير الأردن وشعبه.
باسم الوطن الذي نُحب، وباسم الأمل الذي ينظر إليه الأردنيون بعين الرجاء، أكتب إلى دولتكم وإلى الذوات أصحاب الدولة والمعالي والسعادة في مجلس الأعيان الأردني رسالةً من القلب، نابعةً من صميم التطلع إلى غدٍ أفضل، وإيمانٍ لا يتزعزع بمسؤوليتكم في هذا الصرح العريق. إنّ مجلس الأعيان الذي يمثل الحكمة المتراكمة عبر السنين، وعمق التجربة السياسية، قد جاء وقت أن يكون له دورٌ أوسع وأعمق، دورٌ يساهم في صنع واقع أفضل، ويرسم ملامح مستقبل أكثر إشراقاً للأردن وأجياله القادمة.
إنّ الأردن اليوم يحتاج إلى بيئة ديموقراطية عميقة، تتجاوز السطحية وتتغلغل في جذور المجتمع وأركانه. أنتم رجال الحكمة والخبرة، ولا يليق بكم إلا أن تكونوا صوتاً لكل من يبحث عن العدالة والديموقراطية الحقيقية. إجعلوا من مجلس الأعيان منصةً للحوار الوطني العميق، نقاشاً ينطلق من قضايا الشعب وهمومه. افتحوا قلوبكم وأبوابكم لمختلف الآراء، واسعوا لخلق بيئة منفتحة، حيث يعلو فيها صوت الحق، وتُبنى جسور الثقة بين المواطن والمسؤول.
نحن لا نطمح إلى أن يكون المجلس مجرد جهة تطرح التوجيهات، بل نريده منارةً تضيء سبيل الإنجاز. إصنعوا من كل قانون تقرّونه، ومن كل توصية تتبنونها، خطوةً ملموسة نحو الواقع، إجعلوا من قراراتكم بذوراً تثمر في أرض الوطن، وحلولاً تُترجم إلى تغييرات يلمسها المواطن في حياته اليومية. الأردن اليوم لا يحتاج شعارات، بل أفعالاً تقودنا نحو حلول واقعية، تحفظ كرامة الوطن وأهله، وتدفع عجلة التنمية.
يا أصحاب الدولة والمعالي والسعادة، إن مجلس الأعيان لطالما كان عنواناً للرزانة والخبرة، ولكننا اليوم بحاجة إلى أن يكون عنواناً للتغيير. لنحطم جمود النمط السائد، ولننطلق نحو آفاق جديدة. إننا نحتاج إلى مجلسٍ ينبض بالحيوية والإبداع، قادرٍ على التفاعل مع المتغيرات، مجلس يخرج عن النمط التقليدي، ويفتح ذراعيه لأفكار غير تقليدية من أجل مصلحة الوطن. إرسموا لمجلس الأعيان صورةً جديدة، تليق بمكانته التاريخية، ولكن تتجاوب مع متطلبات المرحلة الحالية وتطلعات المستقبل.
إن الأمة لا تتقدم إلا بالحوار، ومجلسكم هو المكان الأمثل لذلك. إجعلوا منه منبراً لنقاش القضايا الجوهرية التي تؤرق الوطن، بدءاً من التعليم والصحة، وصولاً إلى قضايا الشباب، والبطالة، والفقر. نحتاج إلى مجلسٍ لا يَهابُ مواجهة التحديات، ويَعقد مناقشات جادة، شاملة، تسعى لإيجاد حلول شمولية تُعيد الأمل للشباب الأردني، وتعيد ثقة المواطن بمؤسساته.
ليكن مجلس الأعيان صورةً للأمانة والشفافية، ساحةً يلتقي فيها الشعب مع ممثليه، ويعرف من خلالها أن قرارات المجلس ليست بعيدة عنه، بل تعكس آماله وطموحاته. نناشدكم أن تجعلوا من قراراتكم وأعمالكم منهجاً في الشفافية، حيث يُطلَع المواطن على الجهود المبذولة، ويفهم أن هناك من يضع مصلحته فوق كل اعتبار. كونوا أنتم الجسر الذي يعبر عليه الشعب إلى الثقة، ويفتح معه صفحةً جديدة من الأمل بمستقبل أفضل.
ختاماً ، يا أصحاب الذوات، أنتم اليوم على مفترق طرق، ونرجو أن تكونوا مجلساً يُسهم في نهضة الوطن، ويترك بصمةً لا تُمحى، أملنا بكم أن ترتقوا بهذه المسؤولية الجليلة، وأن تكتبوا في تاريخ مجلس الأعيان فصولًا جديدة، تُذكر على مرّ العصور.
يا دولة الرئيس فيصل الفايز، هذه رسالتي لكم وللذوات أعضاء المجلس، أملاً أن تكون دافعاً لكم نحو الغاية العظمى، وهي رفعة الأردن وسلامة مستقبله. نسأل الله أن يُلهمكم الصواب، وأن تكونوا عوناً للوطن، صوتاً للمواطن، ونوراً ينير الدرب للأجيال القادمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته