روسيا و الإمارات علاقات فوق الريح
د.حسام العتوم
23-10-2024 07:06 PM
مدهشة حقا دولة الأمارات العربية المتحدة الشقيقة عبر البناء الوطني الكبير، وفي العلاقة المتينة ليس مع بلاد العرب الواسعة فقط و دول العالم ، و إنما مع روسيا الأتحادية الصديقة زعيمة توجه تعددية الأقطاب الإيجابي من المسافة صفر و أمام أعين الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية قائدة مسار أحادية القطب السلبي .
و أخال الإمارات دولة عظمى كما روسيا الأتحادية ، كيف لا و هي تمثل ركنا هاما وسط القطب العربي متعدد الدول و المحتاج لوحدة عربية بعاصمة واحدة ، و علم واحد ، و اقتصاد واحد ، و نقد واحد ، و جيش واحد ، و جهاز أمن واحد ، و لنا في رسالة ثورة العرب الكبرى الهاشمية بقيادة شريف العرب و ملكهم الحسين بن علي قدوة نفاخر بها الدنيا . فتمتلك الأمارات همة و معنويات عالية يتقدمها رئيسها و شيخها محمد بن زايد ال نهيان أطال الله بعمره ، و أسس وحدة الإمارات السبع في دولة واحدة الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان ،و معزز الوحدة الإماراتية الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رحمهما الله .
وتمتلك الإمارات (أكثر من 9 مليون نسمة ، و أكثر من 83 كلم2 مساحة ) وسط الخليج و العرب وخارطة العالم مخزونا هائلا من النفط و الغاز أدامه الله ، فلقد اكتشف النفط عام 1958 ، ولها حضور اقتصادي و استثماري كبير ،و هي داعم أساسي للاقتصاد العالمي و بركيزة تكنولوجية متطورة ، و سوق العمل لديها واسع . و تحتل المرتبة الثانية عشرة ضمن قائمة أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال ، و تستورد في مجاله 600 مليون قدم مكعب من ايران أيضا .و لها استثمارات نفط و غاز بقيمة 486 مليار درهم ، و اكتشافات جديدة بحجم سبعة مليارات برميل من النفط الخام و 58 تريليون قدم مكعبة من الغاز التقليدي . وتعاون فضائي مع روسيا ، والولايات المتحدة الأمريكية ، و كندا ، و الأتحاد الأوروبي ، ورائد فضاء سلطان النيادي ، و أكثر من رحلة الى الفضاء ( راشد 1 ) و ( راشد 2 ) .
تاريخ العلاقات الإماراتية – السوفيتية يمتد منذ عام 1971 ، و سفارة للأتحاد السوفيتي في أبو ظبي عام 1986 و التي هي روسية بعد انهيار الأتحاد السوفيتي ، و سفارة اماراتية في موسكو منذ عام 1987 ، و قنصلية عامة روسية في دبي منذ عام 2002 . و أقامت الأمارات علاقات متوازنة مع أوكرانيا ( كييف ) ، و مع روسيا ( موسكو ) وحتى بعد تحرك العملية الروسية الدفاعية التحريرية تجاه الأراضي الأوكرانية السابقة – الروسية الأصل ( القرم 2014 ، و الدونباس – دونيتسك ، و لوغانسك ، و زباروجا ، و خيرسون 2022 ) ، و تعرضت لعقوبات غربية ، ومن قبل الأمم المتحدة بسبب علاقتها الاقتصادية مع روسيا . ووصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات و روسيا عام 2023 الى 10 مليارات دولار ،و حجم التبادل غير النفطي الى أكثر من 40 مليار درهم . و استثمارات اماراتية في مجال تطوير المواني ،وفي محطة( بايكانور) الكازاخية الفضائية ، ونمو بترولي متسارع ، و سوق نفط مشابه سيصل الى 12 مليار دولار عام 2029 ، و الوصول الى المرتبة السادسة في احتياطي النفط على مستوى العالم .
زيارتان رسميتان ناجحتان لرئيس دولة الإمارات لموسكو 2023 / 2024 في زمن العملية الروسية الخاصة / الحرب الأوكرانية – خطة النصر ، و استقبال دافيء لسموه من قبل الرئيس فلاديمير بوتين تخللها في المرة الأولى تقديم بوتين معطفه الخاص للأمير الشيخ أثناء توديعه في قصر الكرملين الرئاسي بعد عدم تمكن مرافقه توصيل معطفه الخاص اليه ، و في المرة الجديدة فضل الرئيس الروسي بوتين استضافته في دارته الخاصة بضواحي العاصمة موسكو في منطقة ( نوفا – أقاريوفا ) ، وهو دليل محبة ووفاء لأكثر من سبب ، أولهما فخامة استقبال الرئيس بوتين في الأمارات في زيارته لها الى جانب المملكة العربية السعودية عام 2023 ، و ثانيها لنجاح الوساطة الإماراتيه في ملف تبادل الأسرى العسكريين من الجانبين الروسي و الأوكراني 9 مرات و بحجم وصل الى اطلاق سراح ( 2184) أسيرا من الجانبين . و يسجل هنا للرئيس بوتين تميزه بإستقبال كبار ضيوفه العرب ، و شارك في استقبال الشيخ الأمير و في زيارة الإمارات رئيس جمهورية الشيشان رمضان أحمد قديروف الذي يقيم علاقات خاصة مع الأمارات دولة و قيادة و شعبا .
ولقد حرص الرئيس الروسي بوتين وكعادته أن يوضح لضيفه الأمير الشيخ و لكل كبار ضيوف موسكو أسباب و مجريات العملية الروسية الخاصة التحريرية التي تطلق عليها العاصمة ( كييف ) و نظامها السياسي الحالي برئاسة فلاديمير زيلينسكي المنتهية صلاحيته و برلمان بلاده و دخوله مرحلة الأحكام العرفية لقب ( خطة النصر) بالتعاون مع الغرب الأمريكي غير المتفهم لسيادة روسيا و لامتدادها الجغرافي التاريخي ،و اصرار الغرب على الأمساك بورقة استقلال أوكرانية عام 1991 من دون الأخذ بالتفاصيل المرافقة . و من يقرأ تاريخ الحرب الأوكرانية لا بد له و أن يقترب من اتفاقية انهيار الاتحاد السوفيتي التي تمنع الدول المستقلة الدخول في تحالفات عسكرية معادية ومن أهمها حلف ( الناتو ) ، ومن مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تمنح الدول المعتدى على سيادتها الدفاع عن نفسها ، و من بدأ الحرب العاصمة ( كييف ) و ليس موسكو العاصمة الروسية ، و هي حقيقة و ليست دعاية لصالح روسيا على حساب أوكرانيا ، وانقلاب عام 2014 شاهد عيان . و تطاول نظام ( كييف ) على المكون الأوكراني و الروسي شرق أوكرانيا شاهد عيان ثاني ، و افراز صناديق الاقتراع في الدونباس ، و في زاباروجا ، و في خيرسون لصالح الانضمام لروسيا شاهد ثالث .
لقد سبق لروسيا أن صوتت في الأمم المتحدة لصالح حظر تمديد الأسلحة للحوثيين عام 2015 ،و هو الأمر الذي ساهم في تقريب العلاقة مع الامارات ،وبعد عام 2022 تعززت العلاقات الإماراتية – الروسية و لم تنقطع و لم تتأثر ، و تضاعفت التجارة الى 5 مليارات دولار ، و 4000 شركة لها علاقة بالدولة الروسية تعمل داخل الأمارات . ومساعدات إنسانية لأوكرانيا ( كييف ) تراوحت بين 55 طنا الى 250 طنا . و رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد يواصل من موسكو زيارته لقازان – عاصمة جمهورية تتارستان الروسية للمشاركة في قمة ( البريكس ) الى جانب شركاء فاعلين مثل ( روسيا ، و الهند ، و الصين ، و جنوب أفريقيا ، و مصر ، و أثيوبيا ، و ايران ، و السعودية ) ، وهي قمة اقتصادية هامة ثمثل شرق و جنوب العالم و توجه تعددية الأقطاب المناهض لأحادية القطب الغربي .