لطالما حاولت تجنب جلد الذات.. فأنا ناقد ولست ناقما.. ولكن هناك مشاهدات تستفز العقل والمنطق.. ولا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال.. بل تتطلب وقفة حازمة من الجهات المعنية..

الضغوط الاقتصادية المتتالية أنهكت المواطن.. رواتب تتآكل تحت وطأة الفقر والبطالة.. وتزداد الحال سوءاً حين نجد الحكومة في كثير من قطاعاتها.. وكأنها مصممة على امتصاص ما تبقى من فتات راتب هذا المواطن المسكين.. فبأي حق يتحمل هذا المواطن أخطاءً لا ذنب له فيها؟!.. أخطاء موظفين تُلقى نتائجها على عاتق البسطاء.. وكأنها "خاوة" مفروضة!..

فلتسمح لي كل الجهات المعنية.. ولكن هناك مبالغ يتم تحصيلها من جيوب المواطنين دون وجه حق.. بل يضطر المواطن إلى دفعها رغماً عن أنفه.. وهي بالأساس نتيجة اهمال او تقصير موظف بحت..

خذوا على سبيل المثال مخالفات السير.. كم من مرة سمعنا عن شخص ذهب لتجديد رخصة سيارته.. ففوجئ بمخالفة في منطقة لم يزرها يوماً.. ولن يصل إليها ما دام حياً.. وإذا به أمام خيارين لا ثالث لهما.. إما أن يدفع قيمة المخالفة وهو ساخط.. أو يتكبد مشقة الذهاب إلى محكمة بلدية تلك المنطقة.. ليدفع ثمن المحروقات وإجازة من عمله.. وكل ذلك فقط ليعود ويقول أمام الموظف "لم أخالف"..

وفي نهاية المطاف.. قد يتبين أن هناك خطأ في تسجيل الرقم.. والمخالفة أضيفت عن طريق استبدال رقم سيارة برقم آخر.. ويتم تصنيف الخطأ على أنه "بشري".. ولكن النتيجة.. المواطن دفع الثمن من وقته وجهده وماله.. دون أن يكون له أدنى ذنب في الأمر..

نفس المشهد يتكرر مع قراءة عدادات الكهرباء والمياه.. فتسمع الموظف يقول لك "ادفع ثم اعترض".. فأين العدل هنا؟!..

ألا يمكن لحكومتنا.. التي لا تكف عن التصريح بأنها تسعى للتخفيف عن المواطن.. أن تنشئ منصة إلكترونية للاعتراضات؟!.. منصة تقيّم صحة الاعتراض قبل فرض أي غرامات أو رسوم.. ومن ثم تكون هناك عقوبات مالية رمزية على الاعتراضات غير الصحيحة.. وهكذا تضمن الحكومة حل هذه المشاكل.. وتخفف عن المواطن بعض الأعباء بشكل فعلي..

وهنا.. لن نغفل عن الآثار الاجتماعية لمثل هذه الأخطاء.. ماذا لو ذهب رجل لتجديد رخصة سيارة زوجته.. ووجد عليها مخالفة باسم رجل آخر؟!.. وما قد يحدث من توترات واتهامات داخل المنزل.. قبل أن يتبين لاحقاً أن هناك خطأ بسيط في إدخال الأرقام؟!.. ألا يمكن أن تؤدي هذه الأخطاء إلى دمار حياة كاملة؟!..

لهذا أطالب بفرض غرامات على الموظف الذي يتسبب في مثل هذه الأخطاء.. ويتحمل مسؤولية عمله.. فلا يجوز أن يدفع المواطن ثمن التهاون.. أو الاجتهاد الخاطئ.. وليكن ذلك درساً ليتحرى كل موظف الدقة والحرص في عمله..