facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المقابلة يكتب: السياسيون والاتكالية الاجتماعية والدوبامين


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
23-10-2024 01:11 PM

الاتكالية (dependency) هي الاعتماد المفرط على الآخرين مع التنصل من المسؤولية الذاتية والقائها على جهة أخرى (الحكومة، المسؤول، الافراد مثلا).

لقد ذكرت في مقال سابق أن العقل الباطن بشقيه الغريزي و العاطفي مسؤول عن ما يزيد عن 95 بالمئة من حياتنا اليومية بما فيها طبائع و سلوك و سمات الفرد و المجتمع و هذه يتم برمجتها و اعادة برمجتها من أجل توازن كيميائي في تشابكات عصبية دماغية لتعديل الانطباع و السلوك لرفع او خفض مستوى الدوبامين (الدافعية و العمل) أو السيروتونين (للثقة و الاستحقاق الذاتي) أو الاوكسيتوسين (للحب و الاجتماعية) أو الاندورفين (للمتعة و السعادة).

لذلك أجد أن فهم الظواهر الاجتماعية وجيل الشباب بشكل خاص من منطلق علمي سيساهم في وضع البرامج و السياسات و الآليات الأكثر فاعلية و الاقل كلفة مادية على اسس ثقافية علمية لنصل للهدف قلب أردني الولاء و الانتماء و عقل غربي في التفكير و المنطق و التخطيط و المتابعة و العمل الجاد.

رأيي أن سياسات استرضائية متكررة أدت إلى ترسيخ الاتكالية ثقافة مجتمعية راسخة متعالية و متمردة على من يرفضها بحيث اصبح المتوقع من افراد و شرائح اجتماعية الانتظار من الحكومات والمؤسسات والافراد حل مشاكل الفرد دون مسؤولية ذاتية وبما أن جوهرها عدم تقبل حمل المسؤولية الذاتية فهي تخلق وضع مجتمعي متذمر يميل الى التلويم والتشكي والتمرد ان توفرت له الظروف.

هي عملية برمجة ثقافية اجتماعية تشكلت في العقل الباطن عبر طروحات شعبوية قد تكون فرضتها الظروف و لكن ساهم بها مسؤولون و اصبحت تتعمق كمكافأة فردية و اجتماعية في نماذج العاطفة الدينية أو العصبية باشكالها او نموذج المال و المصلحة الآنية في ظل اضعاف النموذج العلمي الثقافي البرامجي المستقل. لتوضيح اثر برمجة العقل الباطن الجماهيري و علاقة الدوبامين اذكر هنا تجربة علمية منشورة في مجلات محكمة و قامت على توزيع فئران تجارب الى مجموعتين الاولى تم نزع الدوبامين من ادمغتها و الاخرى غير منزوعة.

لاحظ الباحثون ان الفئران منزوعة الدوبامين تفقد القدرة على البحث عن الطعام و حتى عندما يتم توفيره لها فإنها فاقدة للقدرة و الدافع لتناول الطعام. تم حقن الفئران منزوعة الدوبامين بجرعات دوبامين على فترات في اليوم فلاحظ الباحثون بأنها استعادة القدرة مؤقتا على البحث عن الطعام و الدافع لتناوله. الاستنتاج من هذه التجربة العلمية ان الانسان و الكائنات الاخرى طورت برمجة عقلية بتوازن كيميائي و تشابكات عصبية لتحقيق الاهداف بمعنى آخر أن المحرك للعمل و الاجتهاد و الاعتماد على الذات هو افراز الدوبامين لتحقيق المتعة و الاهداف سواءا في الاكل او الشرب او البقاء او تحقيق الذات او الحصول على السلطة او تطوير الذات او التنافس و الصراع.

بما أن العقل الباطن على مستوى الفرد و الجماهير قابل للبرمجة و اعادة البرمجة و ذلك بعملية ثقافية اقتصادية اعلامية فإن الكثير من السياسات عبر سنوات طويلة ادت الى برمجة و ترسيخ ثقافة الاتكالية و التي إن لم يبدأ العمل على اعادة تصحيحها ستمثل عائقا للنمو و التحديث و ستؤدي الى مجتمع متذمر رافض للتطوير ينتظر المكافأة من الحكومات و البرلمان بتوفير كل ما يحتاج من وظائف و امن صحي و اجتماعي دون الخضوع لمعايير التنافس و التطوير.

في نقاشات سابقة مع بعض المسؤولين (قلة منهم) و الكثير من الافراد هنالك قناعات مثلا ان المساعدات الخارجية بديل اسهل و مضمون عن العمل الجاد و التطوير و البحث عن حلول داخلية لمشاكل شبابية و اجتماعية و برأيي أن هذا نوع من الاتكالية و لكن بشكل مختلف.

عندما اربط الظواهر الاجتماعية بالاساس العلمي لها أجد ان الاتكالية اصبحت واحدة من ظواهر ثقافة اجتماعية تحتاج لبرمجة جديدة قائمة على سياسات تطلق دفقات من الدوبامين الجمعي الاجتماعي لكن النموذج الذي جوهره قلب اردني بعقل غربي ما زال برأيي مرفوض أو على الاقل لا يعطى فرصته و قد عانيت أنا نفسي عندما طرحت هذا نموذجا رابعا للترشح النيابي قائما على العلم و الثقافة و الفكر ببرنامج واقعي بافكار من خارج الصندوق و جوهره الانتماء و الولاء برؤية واضحة المعالم ليكون منافسا للنماذج الثلاث الاخرى وقدر لي أن أرى البرمجة الثقافية الاتكالية التي ترسخت عبر سنين وما زالت طاغية والتي برأيي ستكون عائقا للنمو والتطوير وتنتج مع الوقت مزاجا عاما متذمر إن لم يتم استدراكها.

لأكون منصفا فإن هنالك جيلا من الشباب يحاول الخلاص من هذه الثقافة و لكنه لا يجد تعزيزا ايجابيا و هنالك شريحة من المثقفين و العلماء رافضة لهذه الثقافة و لكنها ايضا لا تجد منصة او فرصة او قبول.

إعادة البرمجة تحتاج سياسات محددة المعالم و بطيئة التنفيذ لتحافظ على تماسك المجتمع و منها ما طرحته سابقا مثل التوظيف التشغيلي لاعداد الشباب للمنافسة وفق معايير الاسواق في الخليج و الغرب و منها اعادة تكييف البرامج الشبابيه و الصحية بحيث تكون ضمن و اسمحوا لي بهذا المصطلح ما يريده الزبون (customer oriented) وليس ما نعتقد أن الشباب و المجتمع يريد و من هذه السياسات تعزيز القطاع الخاص بطريقة تنافسية وليس قائمه فقط على الإنفاق الحكومي ومنها ايضا اعادة صياغة قانون الانتخاب بحيث لا يتوقع الفرد مكافأت من نماذج العواطف والمصالح بل أن يقيم برامج وقعية قابلة للتطبيق وفق الاسس و المعاير العلمية و الافكار من خارج الصندوق التي تطلق امكانيات الابداع في شريحتي الشباب و العلماء مع وجود رعاية رسمية لكل الشريحتين من وزارات الشباب و الثقافة.

برأيي أن هنالك فجوة حاليا بين الرؤية الملكية القائمة على استشراف المستقبل بمعايير عالمية و بين التطبيق القائم على البقاء في منطقة راحة العقل الباطن الفردي والاجتماعي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :