تجاذبات المشهد الانتخابي لنقابة الصحفيين
فيصل تايه
23-10-2024 11:48 AM
لن تقتصر سخونة المشهد "الصحفي" في الاردن على اجواء التحضيرات للمعركة الانتخابية المقبلة لمجلس نقابة الصحفيين والمقررة يوم الجمعه القادم الخامس والعشرين من الشهر الحالي والتي يبدي الكثيرون حماساً كبيراً وتفاعلاً مصحوباً بالتفاؤل بامكانية احداث تغيير في تشكيلة اعضاء مجلس النقابة ، إلا أنه في المقابل لا زال هناك جدل واسع بشأن التركيز على المهمات والمسؤوليات التي ستواجه المجلس القادم والتي تحتاج إلى إعلاميين صحفيين اردنيين يمتلكون القدرة الحقيقية على مواجهة كل التحديات بكل ارهاصاتها وتجاذباتها .
اننا ونحن نتحدث عن مرحلة جديدة من عمر النقابة ، كم نحتاج في هذه الظروف الصعبة الى مجلس يمتلك اعضاؤه الثروة المهنية والإعلامية والخبرة الكفوءة التي تمكن الصحفيين الاردنيين من تقديم رواية أخرى وسرداً آخر وصورة أخرى مختلفة غير تلك الصورة النمطية أو الإستشراقية ، رواية تعيد وضع الإعلام الأردني على خارطة العالم المطوق بالتنافرات ، في ظل تنافس يشكل ترجمة حقيقية لموازين القوة والضعف في الإعلام الموافقي الحرّ الذي تنبع روايته الصحفية من مهنيته وكفاءته العاليه في ظل تسابق قوي تتزاحم فيه وسائل الاعلام المختلفة عربياً ودولياً .
ونحن مقبلون على انتخابات نقابة الصحفيين ، كم نحتاج الى دعم القامات الاعلامية التي لها تأثيرها وتاريخها الإعلامي المشرف ، فهم القادرون على تولى دورهم الطليعي في إعادة صياغة الكيان الصحفي الأردني ووضعه على المسار المهني الاحترافي المعهود لابقائه في حالة النضج الكامل والمتفرد ، ونقله الى قدره العالي من الحضور ، ونحن في الاردن ، نحمد الله ان لدينا جيش من الصحفيين الذين يمتلكون رؤى مهنية وموضوعية ، والتزام وانتماء إلى الزمان والمكان والإنسان .
يجب ان نعي تماما ان إنتخابات نقابة الصحفيين هو تعزيز لدور الصحفيين المتفرد والناضج ، والذي هو نتاج عمل شاق ومضن قامت به مجالس نقابة الصحفيين المتعاقبة والتي كان لها دور كبير في توفير فرص مثالية لعلاقة حيوية وفاعلة حفاظا على حقوق الصحفيين الطبيعية من خلال ممثلهم النقابي ، فقد نجحت في حفظ وحماية الكيان الصحفي أمام الكثير من التحديات التي واجهتها ، وقد اجتهدت وعلى مدى اعوام من أجل دعم حرية الصحافة وحماية الصحفيين وتوفير ضمانات العيش الكريم لأعضاء الهيئة العامة الذين ينتشرون على مساحة الوطن ، وكذلك العاملين في وسائل الإعلام ( الفضائيات والصحف والاذاعات ووكالات الانباء والمواقع الإخبارية الإلكترونية ) وما يمكن ان يتصل عمله بالصحافة والإعلام .
ونحن نسير باتجاه انتخابات نقابة الصحفيين ، دعونا نعترف ان نقابة الصحفيين في وقتنا الحالي تستدعي التغيير والتجديد ، فقد بات من الضروري السعي لولوج المستقبل بروح جديدة ، وصولا إلى مجلس نقابة يكون هو الظهير والسند لقلعة الحريات ، كما كان دائمًا وسيظل ، من خلال صياغة مشروع لمدونة أخلاقية مهنية نوعية ، وإلى تطبيق القواعد المهنية العامة التي تضمنها ميثاق الشرف الصحفي ، وفي ظل هذا الإنفتاح والحرية في النشر والتعبير والنقد الهادف ، فالمرحلة القادمة تحتاج الى مزيد من مسؤوليات القول والفعل ، وواجب صياغة الكلمة والخبر ، بسرد اردني نهضوي ، ليستطيع أن يَحبِك روايته جيداً ، ويجد لها ذرائعها “الأخلاقية” ومبرراتها “الإنسانية” ، بل ويقوم بتأويل النصوص المقدسة لتكونَ ذريعةً أخرى بيده يستخدمها كمرافعةٍ وجيهة في وجه التحديات ، ويستطيع أن يقدّمها بطريقة باهرة ومثيرة ومغرية ومُغْوية، وهي بسبب انتشارها الواسع وقوة حضورها قادرة على التأثير والتغيير الاصلاحي المنشود .
دعونا نتوسم الخير في مجلس النقابه المنتظر ترسيخًا للقيم التي نسعى إليها جميعا ، وأهمها احترام قيمة التغيير ، وإعطاء الفرصة لوجوه جديدة تتقدم لمواصلة مسيرة العطاء للنقابة والمهنة ، حيث بتنا جميعًا في حاجة لقيم الإيثار ونقل الخبرات للأجيال الجديدة ، وكذا إعلاء قيم المهنية والزمالة على ما عداها من قيم معاكسة تعرقل مسار المهنة ، اضافة الى المطالبات التي نسعى لترسيخها في مفهوم ومنطق نقابة الصحفيين في الدفاع الحقيقي عن استقلال الصحافة ، حيث الظروف المحلية والاقليمية التي تلقى بظلالها على المهنة من ناحية، وعلى الصحفيين والعاملين بها من ناحية أخرى، فهناك بعض المعطيات، التى تجعل التفاؤل بتفعيل العمل النقابي امرا هاما وضروريا ، ومن ثم خدمة الأعضاء أمرا يكاد يكون تحقيقه ملزما وضرورياً .
بقي ان اقول أن نقابة الصحفيين مطالبة اليوم بحزمة من التشريعات النقابية والتي تتمثل في تأكيد حقوق منسوبيها وصونها ، بعيداً عن تشويه هذا المطلب ، وبعيدا عن ايه ازمات او انفعالات فى الوسط الصحفى ، فدعونا تتباحث مع هيئة الإعلام لمعالجة اية اختلالات تشريعية متعلقة بالإعلام بما فيها تمويل وسائل الإعلام ، إضافة إلى معالجة مشكلة البطالة الإجبارية التى يتعرض لها الصحفيون ، وعمليات التسريح الممنهجة فى كثير من المؤسسات الاعلامية للعاملين بالصحافة ، والمطالبة بحقوقهم سواء كانت المادية أو الأدبية ، والتي تتحمل مسؤوليتها نقابة الصحفيين، أو حتى الدولة التى تتحمل جزءا كبيرا من ذلك .
واخيرا ً، نتمنى ان لا يكون هنالك عزوف لبعض من الصحفيين الذين تتوافر لديهم القدرة والكفاءة في العمل النقابى عن عملية الترشيح او الانتخاب لاي سبب كان ، خاصة ممن يرغبون فى أداء نقابى قوى ، وعليه فان الانتخابات القادمة للنقابة يجب ان تشهد حالة جديدة ، وما نتمناه ان تكون إيجابية ، تنعكس آثارها الايجابية على المهنة وعلى الصحفيين والعاملين بالمهنة ، اذا بترت العوامل السلبية التى قد تنكص العمل النقابي الحقيقي .
فلندعوا الله ان يوفق الجميع لمواصلة مسيرة الإبداع الصحفي لخدمة الاردن وشعبه ، في ظل راعي المسيرة جلاله الملك رعاه الله وابقاه سندا واهلا للأسرة الصحفية جمعاء .
والله ولي التوفيق .