أصاب جدعون ليفي عندما كتب في هآرتس ما يفيد بأن خطاب الرئيس أوباما قد عرّى نتنياهو لأن ردة فعل نتنياهو ولاءاته الأربع كشفت عن عدم رغبته بالسلام وعن عدم سعيه لإقامة دولة فلسطينية مع أن الخطاب جاء بسقف أقل مما طرحه كلينتون في عام 2000. في هذا الجزء من العالم لم نكن بحاجة لخطاب أوباما حتى نعرف الحقيقة، فاليمين الإسرائيلي يعبر عن مصالح الاحتلال، ومن غير الممكن هزيمته إلا بتغيير أولوية الناخب الإسرائيلي وهذا لن يحدث إلا بتدخل أميركي قويّ أو عندما يطور العرب استراتيجيات ترفع من كلفة احتلال الديلوكس للضفة الغربية والقدس.
في السنتين الأخيرتين لم يقدم أوباما على فعل أي شيء بالرغم من أنه قال أشياء كثيرة وربما جميلة، ففي كل مرة يفشل في خلق الزخم لترجمة رؤيته لواقع، وتبخرت كل كلماته الجميلة على نيران الاستيطان. وهذه المرة، سيواجة أوباما حملة شرسة داخل الولايات المتحدة إلا إذا تراجع عن بعض مقولاته عندما يلقي خطابا أمام الآيباك، فتفيد الأنباء أن ناشطين من يهود الولايات المتحدة بدأوا إعادة النظر في إعادة إنتخاب الرئيس أوباما، واستباقا بدأت كوادر الحزب الديمقراطي في شيكاغو بالعمل لتطمين اليهود خوفا من التأثير على فرص أوباما الذي ارتفعت أسهمه وشعبيته بعد مقتل أسامة بن لادن!
اللافت أن نتنياهو- وإن عمّق من عزلة إسرائيل الدولية بسبب مواقفه- يكسب داخل إسرائيل، فاليوم هو زعيم اليمين الإسرائيلي بلا منازع، وهو بهذه المواقف إنما يتصرف كزعيم حزب وليس كرئيس حكومة! ولهذا السبب ينظر إلى نتنياهو بأنه المعبر عن مصالح الإحتلال أكثر من أي شخص آخر هذه الأيام. ولهذا لا يمكن لأوباما أو غيره أن ينتصر على نتنياهو لأن الأخير يقدم البقاء السياسي على السلام وهو بمواقفه يعزز من رصيده في الشارع الإسرائيلي، وهنا تكمن المفارقة. بمعنى إن أراد أوباما الانتصار عليه أن يرفع الكلفة على نتنياهو داخل إسرائيل.
بكلمة، يصف المراقبون العلاقة بين نتنياهو وأوباما كلعبة شد الحبل (tug of war)، وفي هذه المعركة نجد غياب رغبة الإنتصار لدى أوباما وإلا لوظف كل قوته وهزم المتطرف نتنياهو، غير أن شيئا من هذا القبيل لا يحدث، ونتنياهو يدرك أن شراء الوقت يخدمه مع أن أوباما في فترة رئاسية ثانية قد يكون أقوى.
hbarari@gmail.com
الرأي