الخطابات الحزبية وثنائية الوصاية الشعبية والسياسة
د. محمد العزة
22-10-2024 12:01 PM
ان الاوان لأطراف المسطرة الحزبية السياسية الأردنية بعد خوضهم اولى فصول مرحلة التحديث السياسية (بالاستعانة و نماذج لهم أولية أو حالية سابقة ) مراجعة لغة خطابهم وصياغة مكونات الهوية المؤسسية الحزبية لهم ، و ضبط الادوات التنظيمية و الخلفية لمرجعياتهم الفكرية و السياسية التي يستندون عليها في رسم نهجهم و ترجمتها إلى مواد برامجية واقعية موضوعية ، هذا يتطلب البدء بالتحول و الاستدارة للملفات الوطنية الداخلية ذات الأولوية لدى الأغلبية الشعبية في وطننا الاردني والمعني بالملفات الداخلية هي ملفات الضرورة التي ينتظر الشارع و المواطن الأردني حلا لها و الخروج من عنق زجاجتها و الكل يعلمها .
بما يخص الملفات الخارجية ، وجب عليهم الاستجابة و التفاعل معها إيجابيا دعما أو معارضة حسب ما تمليه الأطر القانونية و القنوات البينية المؤسسية الرسمية و تحكمه العلاقات الديبلوماسية و تطورات مجريات الأحداث السياسية ، و مصالح الدولة الأردنية العليا ، و ما يصدر عن مراكز صنع القرار في الدولة من قراءات تحليلية جاءت بعد دراسات عميقة و استطلاع لآراء متعددة و استقصاء لزوايا مختلفة ، لغاية الخروج بتصور عن كيفية التوازنات و اتخاذ القرارات الصحيحة ، تحديدا في مسائل الامن الوطني القومي الاردني.
خلال فترة الأسابيع الماضية وآخرها خلال اليومين الماضيين شهدت الساحة الأردنية ، وقائع حادثتين أمنيتين مسلحتين تجاه الكيان حادثة معبر الكرامة و حادثة البحر الميت ، جاءتا كرد فعل على الممارسات الوحشية للثكنة العسكرية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني و تهديدات حكومتها اليمنية المتطرفة لأمن وسيادة وطننا الاردني .
الفردية كانت الصبغة العامة للعمليتين، و تفاعلت القوى الشعبية معهما عفويا بما تفرضه الحالة الوطنية و العاطفية و الدينية تجاه القضية الفلسطينية ، إلا أن بعض القوى السياسية الأردنية الحزبية تحديدا ، في كلا الحالتين حاولت تصدر المشهد، وخاصة في الحالة الثانية التي جاءت بتفاصيل و ملامح اثارت جدلا واسعا من حيث مستوى التخطيط و شكل الاعداد والظهور الإعلامي و الانتماء الحركي و الحزبي لأفراد العملية و تضارب البيانات الذي أثار تساؤلات عدة حول دور هذا الحزب فيها و علاقته بها و اذا ما كان هناك قرار بالجمع ما بين الأدوات السياسية و العسكرية ، لغاية تعزيز موقع الحزب أو الحركة السياسية خاصة بعد نتائجه / ها في الانتخابات النيابية الأخيرة و الرغبة في زيادة حصصه/ ها الانتخابية الشعبية و توظيفها في مواجهته / ها مع الوزارة الجديدة ، بعيدا عن حسابات الدولة السياسية او الأمنية ، أو دون أخذ بعين الاعتبار ابجديات العمل الحزبي السياسي داخل الدولة ، أو عدم قدرته في الفصل مابين مؤسسته الحزبية و ارتباطها و مرجعيتها الفكرية أو عدم السيطرة و القدرة في اتخاذ قراراته مركزيا خارج إطار مرجعيته التنظيمية الحركية المحلية أو الإقليمية أو العالمية، (وهذا قد يكون شأن أي مؤسسة سياسية حزبية تتبع تنظيما أو حركة خارجيا وخارجية).
تصدير التصعيد من على الساحة الفلسطينية إلى الساحات العربية المحيطة، ضمن ماهو غير متاح من المناخات و البنى التحتية المناسبة لا يصب في مصلحة أي ساحة عربية بشكل عام و الساحة الأردنية بشكل خاص، التي كانت الاقوى في التعبير و الإسناد لشقيقتها الفلسطينية التوأم عبر موقفها الواضحة و الصريحة على جميع مستوياتها الرسمية والشعبية .
تصدير الصراع سيشتت بوصلة الاتجاه ويحدث الإرباك في خيارات ادوات الاشتباك المناسبة مع العدو الأوحد ، و قد يعيد عجلة التاريخ إلى الأزمنة الغابرة التي كان المستفيد الوحيد منها الثكنة العسكرية الاسرائيلية ، بل يخالف منطق الاعداد و فقه الاجتهاد ، بل افضل ما ينطبق عليه هو مايسمى بعلوم الطاقة الجهد الضائع و حجم الفاقد في الإجهاد .
الصراع ليس اردني فلسطيني ، ولا سوري فلسطيني ، و لا لبناني فلسطيني ، و لا مصري فلسطيني ، أو خليجي فلسطيني، بل هو صراع عربي اسرائيلي و مع القوى الاستعمارية الداعمة له وعلينا إخضاع الفعل وردة الفعل إلى المنطق و صوت العقل في صياغة الخطاب واستراتيجية النهج الذي يحقق الأهداف و يعيد الحقوق المشروعة لأهلها و الدفاع عنها .
الى يومنا هذا مازالت القوى السياسية العربية تتعامل مع جوهر الصراع العربي الإسرائيلي بسطحية و عاطفة شعبوية رغبائية و ضمن الخوض في مسارات ماراثونات تنافسية لمن الأحقية بإنتزاع الوصاية السياسية و فرضها أو تسويقها على الحاضنة الشعبية باستخدام أغطية الشعارات الدينية تارة أو الثورية تارة أخرى دون التمعن والوغول في أسبار واغوار سجلات التاريخ الوثائقيه أو السعي وراء تتبع الأحداث و ربطها مع بعضها و تحليل نتائجها و نمطية نهجها و تسلسلها و عيان عناصر تلك القوى المنخرطة فيها والتي يجمعها مصالحها و توظف لأجلها ادواتها وتعتمد ليس على ذكائها و مخططاتها و توفير الامكانيات لها ، بقدر ما هي تعتمد على درجة وعي الطرف الآخر وطريقة التعامل و التفاعل معها والاستجابة لها والوقاية أو الاستفادة منها ، و تحييد مخاطرها ، و تفكيك شيفرة الرمزية الكاشفة للاهداف من خلف الأحداث .
خلاصة المقال في مقدمته، وفي نهايته قد يطرح أحد سؤال و قد يكون توصية، هل آن وقت الانفصال ما بين الحركات التنظيمية الخارجية و الأحزاب السياسية الأردنية..