عادة ما يلجأ المسلمون في موسم الشتاء حين يتأخر سقوط المطر بالدعوات الى بارئهم طلبا بقدوم الغيث بالقول (يا رب غوثك ومددك ونصرك وعافيتك فانت رب المستضعفين) وذلك بعد انقطاع الرجاء وخيبة الامل، وانسداد الطرق بنزول المطر. ويمكن استخدام هذا الدعاء ايضا عندما يتعرض الداع الى الضيق في العيش، فيصاب بحالة من الاحباط وخيبة الامل التي على ضوئها يرجو العلي القدير ان يمده بالفرج ورفع الكرب عنه. وعند التوسع باستخدام هذا الدعاء فاننا نجده ايضا مناسبا في مثل هذه الظروف التي يجد فيها المواطن الاردني مهموما بسبب ما يدور من احداث يتعرض لها اهلنا في قطاع غزة من قتل وتعذيب وحرمان وعدم توفر ابسط مقومات الحياة، ناهيك عن الشأن الداخلي من ارتفاع البطالة وزيادة نسبة الفقر، حتى اصبح هم المواطن كيف يتدبر اموره اليومية من ثمن لرغيف الخبز وصولا لمصروف ابنائه في المدارس والجامعات ودفع فاتورة المياه والكهرباء.
في هذه الظروف الصعبة يجد المواطن نفسه يعيش في دوامة البحث عن حلول من المفترض ان تقدمها الحكومة لمواطنيها للاخذ بايديهم الى بر الامان، والتي من ابسط واجباتها تأمين اساسيات العيش الكريم لمواطنيها حسب ما تنص عليه بنود كثيرة في الدستور. ومن هنا فانني اقترح على الحكومة ان تعيد فتح ملف الطاقة والاستفادة من خيرات الارض، حيث انه وكما هو معلوم للجميع بان فاتورة الكهرباء تثقل جيوب المواطنين والمستثمرين والمزارعين وغيرهم بمبالغ مالية خيالية حيث تستطيع الحكومة تأمييم الشركة الخاصة المسيطرة على قطاع الكهرباء او اعادة النظر بالاتفاقية المبرمة مع هذه الشركة، لأن نسبة انتاج الكهرباء في الاردن تزيد بكثير عن حاجة المواطن ولكن المشكلة تتمثل بالتزام الحكومة مع شركات خاصة بشراء الكهرباء بسعر غالي جدا، والكهرباء هي عمود الحياة في الانتاج الزراعي والصناعي والتجاري، وان انخفاض سعر الكهرباء سيؤدي بالنتيجة الى انخفاض سعر المياه، واسعار جميع المنتجات التي يحتاجها المواطن، وبهذه الطريقة تكون الحكومة قد عملت على زيادة رواتب الموظفين بكل القطاعات، وعملت ايضا على محاربة البطالة واحتواء الفقر، وزيادة الحركة التجارية.
وفي حال لم تتمكن الحكومة من الوصول الى مستوى عال من الابداع وابتكار الحلول والاكتفاء بخطاب لفظي لبعض الشعارات فأن الاستقرار الذي تنعم به البلاد سينتهي الى حالة من الفوضى وانتشار الجريمة ناهيك عن بقية مظاهر الضعف في مجالات التعليم والاداء الوظيفي وغيرها، وسيصبح لدينا أمن لكن بدون امان اقتصادي وسياسي، ومن هنا لا بد من الاشارة الى الجهود الكبيرة التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بالتخفيف على اهلنا بقطاع غزة من خلال امدادهم بالغذاء، ونقل القضية الفلسطينية الى المحافل الدولية، وجهود جلالته ايضال من اجل تحسين ظروف المواطنين من خلال متابعته لتحسين جودة الخدمات ومحاولاته بتخفيف اعباء الاسر الفقيرة جدا. ومن هنا فأنه لابد من ايجاد ايدولوجيه سياسية اقتصادية عملية يتم العمل عليها لان واقع الحال لن يبقى سيد الموقف، مع ايماني المطلق بان الاردن اولا، ولكي يبقى اولا فلا بد من التفكير خارج اطار الصندوق، والغاء ايدولوجية فرض الضرائب وجمعها من جيوب المواطنين.
من الناحية المقابلة، وفي هذ الظرف الحرج الذي ينفرد به الكيان الصهيوني في الانقضاض على قطاع غزة لتهجير وقتل ابناءه والانقضاض ايضا على جميع المدن الفلسطينية، اصبح الشعب الفلسطيني وحده يقدم الضحايا والشهداء على مدار العام، وقد استطاع هذا الشعب الاعزل ان يثبت للعالم اجمع من خلال سخائه بدمه بانه قادر على الصمود والمواجهة وعلى ازعاج الكيان المحتل، ولكن يبقى السؤال: ما العمل، ماذا نفعل؟.
وللاجابة على ذلك كله فإننا جميعا مطالبين بالدعاء الى الله سبحانه تعالى والقول: "يا رب غوثك"، بشرط ان يكون الدعاء بنية صادقة متبوعة باتخاذ اجراءات عملية وحقيقية للخروج من حالة الياس والحزن التي تفيء بغيومها على سماء المنطقة برمتها.
*الدكتــــــــــور نضال راشد المساعيد/ جامعــة البلقــاء التطبيقيـــة.