هل يمكن للسلام أن يدمر أمريكا واسرائيل؟
د. هاني الضمور
20-10-2024 07:28 AM
في ضوء التحولات السياسية والاقتصادية العالمية، يبرز سؤال محوري: هل يمكن للسلام أن يصبح التهديد الأكبر للولايات المتحدة؟ وفي السياق نفسه، هل اسرائيل، كما نعرفها اليوم، تتجه نحو النهاية المحتومة؟ هذه الأسئلة تأتي في ظل آراء تعكس واقعًا معقدًا، يعبر عنه الصحفي الصيني تشوا تشين لينغ والكاتب الإسرائيلي آري شافيت، اللذان قدما رؤى نقدية حول مسار النظام العالمي الراهن.
هل الاقتصاد الأمريكي يعتمد على الحرب؟
الصحفي الصيني تشوا تشين لينغ أشار في تحليله إلى أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الحروب لتعزيز اقتصادها. الإنفاق العسكري الهائل يشكل عمودًا فقريًا للاقتصاد الأمريكي، الذي يتجاوز تريليونات الدولارات سنويًا. لكن ماذا لو تحقق السلام العالمي؟ كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع صناعاتها العسكرية التي تعتمد على الصراعات الدولية؟
لنفترض أن الحروب توقفت. في هذا السيناريو، كيف ستواصل الشركات الكبرى مثل “لوكهيد مارتن” و”بوينغ” عملياتها دون الحاجة إلى الأسلحة المتطورة؟ وهل ستتمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على نفوذها العالمي دون تدخلاتها العسكرية المستمرة؟ هذه الأسئلة تضع تساؤلات حول ما إذا كان السلام، الذي تسعى إليه الشعوب، قد يصبح عدوًا غير متوقع للاقتصاد الأمريكي القائم على العسكرة.
هل المجمع الصناعي العسكري مهدد بالانهيار؟
وفقًا لتحليل تشوا، فإن السلام قد يهدد استمرار المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وهو شبكة معقدة من الشركات والتعاقدات التي تغذي الاقتصاد الحربي. إذا لم تعد هناك صراعات، ستفقد هذه الشركات مصادر تمويلها الكبرى، وسيصبح الجنرالات والخبراء العسكريون بلا مهام واضحة.
لكن التساؤل الأهم هنا: هل ستتمكن الولايات المتحدة من تحويل اقتصادها من اقتصاد يعتمد على الحرب إلى اقتصاد يعزز الصناعات المدنية؟ وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، فهل يصبح الاقتصاد الأمريكي هشًا في حال تحقق السلام العالمي؟
اسرائيل: هل تلفظ أنفاسها الأخيرة؟
على الجانب الآخر، الكاتب الإسرائيلي آري شافيت في مقاله بصحيفة “هآرتس” قدم رؤية مثيرة للجدل حول مستقبل كيان الاحتلال. شافيت اعترف بأن المشروع الاحتلالي يواجه تحديات وجودية خطيرة. الاحتلال والاستعمار أصبحا عبئًا على إسرائيل، والشعب الفلسطيني أثبت أنه شعب صامد يصعب طمسه أو إضعافه. فهل نحن أمام انهيار حتمي لاسرائيل؟
أسطورة الهيكل: هل كانت مجرد كذبة؟
أحد الأسس التي قام عليها كيان الاحتلال هو الادعاء بوجود “الهيكل” تحت المسجد الأقصى، وهو ما استخدمته إسرائيل لتبرير سيطرتها على القدس. ولكن، كما يشير علماء الآثار اليهود، لم تثبت أي أدلة وجود هذا الهيكل. فإذا كانت هذه الأسطورة كذبة، فكيف ستتمكن اسرائيل من الاستمرار على أساسات تاريخية مشكوك فيها؟
هل يعترف الإسرائيليون بفشل حركتهم الاحتلالية؟
ما كتبه شافيت يعكس حالة من اليأس داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث يزداد الشعور بأن اسرائيل قد بلغت نهايتها. إذا كان الإسرائيليون أنفسهم يعترفون بأن الاحتلال لا يمكن أن يستمر، فما الذي سيبقى من المشروع الاحتلالي؟ وهل سيجد أتباع كيان الاحتلال أنفسهم في مواجهة حقيقة غير مريحة بأن كيانهم لم يعد قادر على تحقيق أهدافه الاستعمارية؟
هل نحن أمام نظام عالمي جديد؟.
عندما نأخذ بعين الاعتبار تحليل الصحفي الصيني تشوا تشين لينغ حول الاقتصاد الأمريكي القائم على الحرب، ورؤية الكاتب الإسرائيلي آري شافيت حول نهاية الصهيونية، نجد أن العالم قد يكون على أعتاب تحول جذري في موازين القوى. هل يمكن للسلام أن يدمر الاقتصاد الأمريكي؟ وهل ستنهار اسرائيل تحت وطأة التحديات الداخلية والخارجية؟.
هذه الأسئلة تفتح الباب أمام نقاش عميق حول مستقبل النظام العالمي، وكيف يمكن أن تتغير التوازنات الاقتصادية والسياسية في ظل هذه التحولات المحتملة. هل يمكن للعالم أن يتكيف مع سلام عالمي حقيقي؟ وهل اسرائيل حقًا تلفظ أنفاسها الأخيرة؟.