"وصول الدخل السياحي إلى مليارات الدولارات لا يعني أن جميع هذه الأموال تتدفق للقطاع السياحي. فهذا الدخل يمثل مجموع ما يتم إنفاقه داخل المملكة من قبل كل من تنتطبق عليه صفة سائح (مغتربين وعرب وأجانب غير مقيمين)، وعلى جميع القطاعات الخدمية والاقتصادية - وليس فقط قطاع السياحة. وبالتالي، فإن الدخل السياحي ليس مؤشرا كافيا لتقييم أداء قطاع السياحة." 

من حق المواطنين والمتابعين الاستغراب من إحصاءات الدخل السياحي للمملكة منذ بداية العام.

فبعد كل ما شهدته المنطقة وكل ما حصل من تباطؤ اقتصادي داخلي، تشير الإحصاءات إلى أن الدخل السياحي لم ينخفض بأكثر من 5%.

كيف يستقيم هذا التراجع الطفيف مع إغلاقات فنادق البترا وأنين قطاع الفنادق والسيارات السياحية على امتداد المملكة؟ وكيف يستقيم أيضا مع تباطؤ النمو والنشاط الاقتصادي منذ بداية السنة؟

هذه أسئلة مشروعة يطرحها المواطنون وأبناء القطاع السياحي، وهي تحتاج إلى توضيح.

لا يوجد خطأ أو تضليل بالأرقام. ولكن مؤشرات السياحة لا تقتصر على الدخل السياحي العام.

والأهم من ذلك أن هناك اختلاف كبير بين "الدخل السياحي" و"دخل القطاع السياحي".

فرقم الدخل السياحي المنشور من البنك المركزي يعبر عن تدفقات العملة الصعبة من السياح (مغتربين وعرب وأجانب) بصرف النظر عن أوجه إنفاقها والقطاعات المستفيدة منها - مطاعم أو غذاء أو مشتريات أو فنادق أو شقق أو ترفيه.وهو جزء من إحصاء الحساب الجاري وميزان المدفوعات بالعملة الأجنبية.

والدليل على دقة رقم الدخل السياحي الكلي "من هذا المنظور" أن احتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية لم تشهد أي انخفاض منذ بداية العام.

أما الإحصاءات التي تعبر عن واقع ودخل القطاع السياحي تحديدا، وبشكل أعمق من مجرد حصر تدفقات العملة الأجنبية الواردة من السياح لجميع القطاعات، فهي موجودة على موقع وزارة السياحة.

وهنا تحديدا تنشر وزارة السياحة إحصاءات المجموعات السياحية (المتركزة في الجنسيات الغربية والأجنبية)، والتي تعتبر الأكثر إنفاقا على الفنادق والمواقع والخدمات السياحية.

أعداد وليالي المجموعات السياحية القادمة للأردن تشير إلى انخفاض حاد بحوالي 75%، وهو ما يمكن أن يعبر عن واقع القطاع السياحي أكثر من الدخل السياحي العام.

إلا أن وسائل الإعلام لا ترصد هذا الرقم ولا تتعمق في التفاصيل... وهذا ما أثار التساؤلات والشكوك رغم دقة الأرقام.

آن الأوان للتفريق بين "الدخل السياحي" و"دخل القطاع السياحي"، فالأول يعبر عن كل ما ينفقه السائح داخل الدولة على جميع القطاعات، والثاني يعبر عما يتم إنفاقه من السائح على القطاع السياحي فقط.

وإذا لم يكن الرقم الثاني متوفرا، يمكن اللجوء إلى أرقام المجموعات السياحية أو نمو القطاع السياحي ضمن الناتج المحلي الإجمالي.