طوال سنوات حياتنا ونحن نعلم أن المسؤول وُجد ليكون في خدمة الجميع، إلا أنه بعد أن كبرنا، وجدنا أن المسؤول وُجد ليكون في خدمة نفسه فقط.
كم تمنيت يوماً أن نرى التطبيق الحقيقي لمعنى الرسالة التي يجب أن يحملها، التي تحثه على خدمة الجميع دون أي تمييز، إلا أن المسؤول هنا وجد أن يكون العون لنفسه ولعديد من أفراد أسرته وأحبائه.
في مكالمة اليوم لأحد أبناء الوطن، مع أحد من يعتلي المناصب في وطني ومن يربطه به اسم العشيرة، تحدث مع ذلك المسؤول، وبعد أن قال: أنا فلان، لم يفسح المجال للتحدث بشيء آخر، إلا أنه قال: أنا خارج البلد. هل من المعقول أن الرقم الأردني الذي يعمل داخل الأردن يستطيع أن يعمل خارج الأردن؟ وهل أصبح حالنا حال السلعة السيئة التي يتم تداولها دون أخذ أي اعتبار لوجودها؟ لماذا أصبحنا نبحث عن أبسط الأشياء التي يمكن أن تعيد لنا القليل من حقنا المشروع في هذا الوطن؟ ولا ننسى أقوال جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه بين الحين والآخر بضرورة وجود المسؤول بالميدان...
لكن اليوم أصبحنا نرى عكس ما كان يتحدث به جلالة الملك، وأصبحت الميادين تفتقر لناصتين لسماع تلك الهموم. أصبح الجميع لا يعلم لمن يتحدث، وبعض المسؤولين أصبحوا بروتوكولًا للمنصب بعيدًا عن المبدأ الذي وجد لأجله. المواطن حينما يبحث، يبحث عن ناصر حقيقي لتلك الهموم، لا يبحث لكسب المعرفة منك، ولكن لأجل إيصال صوته الذي عجز الجميع عن سماعه.
أنا تربطني علاقة بعدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء والأميرات، وعلى تواصل دائم معهم. حينما أتحدث مع أحد منهم، أرى التواضع الذي يفتقر له العديد ممن وجدوا أنفسهم على رأس المناصب. هل أنت أكبر قدراً من الأمراء؟ لهذا يجب أن يدرس المنهاج الذي تربى عليه أصحاب السمو للمسؤول قبل أن يتسلم مقعده الإداري. الكثير منهم أصبح التواصل معهم أمراً صعباً ومقلقاً، وأصبح الكثير منهم يرى أن المنصب مرتبة دائمة لا يمسها شيء، إلا أنه لا يعلم ما سيحمله الغد. هل سيكون مثل يوم الأمس أم سيتغير كل ما كان يملكه بالأمس ويصبح بواقع حياة جديدة مختلفة تماماً عما سبقها، الكراسي لم تدم يوماً لأحد.
والمنصب منذ تأسيس الدولة تكليف وليس تشريف، ونحن على أمل دائم أن يبقى كذلك، وأن يقتدي الجميع بمن هم أعلى منهم تواضعاً. ونأمل أن يتخذوا من أقوال جلالة الملك رسالة مهمة للسير على خطاه لننعم جميعاً بما يجب أن ننعم به.
كان الله بعون الجميع.